للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبارته «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وآفة صلاتنا الحاضرة أننا ذهلنا عن هذه الرؤية المزدوجة فأصبحنا نتقن حركات الصلاة ولكن قلوبنا شاردة، فنحن حين نقوم بأجسادنا في مساجدنا نكون بقلوبنا في السوق أو في الشارع .. ونحن حين نقول: «اللهُ أَكْبَرُ» في إحرامنا، يقول مناد من قبل الحق كذبتم لستم بها صادقين وإنما المال أكبر أو الجاه أكبر .. وبذلك لا تكون صلاتنا صلاة ويحق فينا قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (١)، سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مُصَلٍّ، ثم قال فيهم إنهم عن صلاتهم {سَاهُونَ} يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم وهي التي تقوم فيها الصلة بين الله وبينهم، وذلك بحضور قلوبهم فيها، ولذلك قال: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} أي يهتمون بالظاهر ويهملون الباطن {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، والماعون يعني القلب بمنعونه من الله أن يكون فيه، ويملأونه بأصنام حب الجاه وحب السلطة) (٢).

فحديث: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فيه أمران: أمر بالتقليد وأمر بالأصالة - في رأي الجمهوريين -.

جاء في كتاب " رسالة الصلاة ":

«فالنبي آتانا بلسان الشريعة - لسان المقال - أمرًا بالتقليد، وآتانا بلسان الحقيقة - لسان الحال - أمرًا بالأصالة» (٢).

فمعنى الحديث - عند الجمهوريين -: أن النبي قد قال بلسان


(١) [سورة الماعون، الآيات: ٤ - ٧].
(٢) محمود محمد طه: " رسالة الصلاة " ط. رمضان: ١٣٨٩ هـ، ص ٤٢، ٤٣.

<<  <   >  >>