للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنَ السِّيَاطِ التِي كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْنَا مِنْ حَرَسٍ كَانَ عَدَدُهُمْ أَكْبَرَ مِنَّا.

وَأَخِيرًا أَوْقَفُونَا فِي سَهْلٍ صَحْرَاوِيٍّ، تَحَتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ اللاَّهِبَةِ، حَوْلَ كَوْمَةٍ مِنَ الفَحْمِ الجِيرِيِّ، كَانَ يَعْمَلُ الحَرَسُ جَاهِدِينَ لإِشْعَالِهِ، وَقُرْبَ النَّارِ مَصْلَبَةٌ خَشَبِيَّةٌ تَسْتَنِدُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَرْجُلٍ.

اِشْتَعَلَتْ كَوْمَةُ الفَحْمِ الحَجَرِيِّ حَتَّى اِحْمَرَّتْ، فَجْأَةً سَمِعْنَا شَتَائِمَ تَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ، اِلْتَفَتْنَا فَوَجَدْنَا خَمْسَةً مِنَ الحَرَسِ يَقُودُونَ شَابًّا عَرَفَهُ بَعْضُنَا، كَانَ اسْمُهُ "جَاوِيدْ خَانْ إِمَامِي" أَحَدَ عُلَمَاءِ ذَلِكَ البَلَدِ.

اِمْتَلأَ الأُفُقُ بِنُبَاحِ كِلاَبٍ مَجْنُونَةٍ، رَأَيْنَا عَشْرَةً مِنَ الحَرَسِ يَقُودُونَ كَلْبَيْنِ، يَبْلُغُ ارْتِفَاعُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِتْرًا، عَلِمْنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا قَدْ حُرِمَا مِنَ الطَّعَامِ مُنْذُ يَوْمَيْنِ.

اِقْتَرَبَ الحَرَسُ بِالشَابِّ جَاوِيدْ مِنْ كَوْمَةِ النَّارِ الحَمْرَاءِ .. وَعُيُونُهُ مُغْمَضَةٌ بِحِزَامٍ سَمِيكٍ.

كُنَّا نَتَفَرَّجُ .. أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ سَجِينٍ، وَمَعَنَا أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنَ الحَرَسِ، مَعَهُمْ البَنَادِقُ وَالرَشَّاشَاتُ. فَجْأَةً اِقْتَرَبَ مِنَ الشَابِّ جَاوِيدْ عَشْرَةً مِنَ الحُرَّاسِ، أَجْلَسُوهُ عَلَى الأَرْضِ، وَوَضَعُوا فِي حُضْنِهِ مُثَلَّثًا خَشَبِيًّا، رَبَطُوهُ إِلَيْهِ رَبْطًا مُحْكَمًا، بِحَيْثُ يَبْقَى قَاعِدًا، لاَ يَسْتَطِيعُ

<<  <   >  >>