للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مزخرفة، كما لو أعدت ليوم مهرجان، وقد جهزت دراجته الصغيرة، بقصاصات من الأوراق الزاهية الألوان، وغطيت العجلتان بالقطن (الكرتوني) المزهر؛ وعندما يمر في المساء، نرى في مؤخرة دراجته ثلاثة أو أربعة أضواء حمراء، وطاقماً كاملاً من الفنارات الأمامية .. فهذا الشاب كما هو مشاهد، مدفوع بشعور الغيرة لمنافسة مُلاَّك سيارات (الكدلاك Cadillacs)! .. وإن هذا النوع من الغيرة، ليجعلنا نبتسم بعض الشيء لسذاجته. ولكن لننتقل بنظرنا إلى أعلى من ذلك بقليل، وليكن في هذه المرة حول المناقشات الجارية في حياتنا الفكرية، حيث نرى الكثير من الجهود الكبيرة، والجديرة بالتقدير، تحاول أن تشق طريقاً أمام المجتمع الإسلامي؛ إننا نشاهد أحياناً بعض المحاولات المتميزة الرامية إلى أقْلَمَةِ أفكار يمكن أن تكون شديدة الأصالة بالنسبة إلى وسطها الأصلي، ولكنها تبدو في وسطنا نحن، قريبة الشبه بتلك الطُّرَفِ العصرية التي (تبعثرها) الصدفة أحياناً، في قرانا الجزائرية، والتي نجهل تاريخها واستعمالها. وبهذه الطريقة عينها، تبث الصدفة أحياناً، في أدبنا مواضيع غير منتظرة. فهؤلاء المولعون بالشعر والبدع الخرقاء، ربما وجدوا لذة مستعذبة في بابها، تضمنها مقطع شعري من شعر (الزهاوي)، أراد به الشاعر أن يعطينا نوعاً من التفسير لنشأة الكون، فذكر أن أصل الخليقة هو (الأثير)! .. وهذا أمر حسن ولا شك من ناحية (القافية)! .. ولكن الشاعر الكبير، لم يتصور. أن الإله الذي وضعه أصلاً لنظريته في نشأة الكون حوالي سنة ١٩٢٥م، قد هلك منذ أكثر من عشر سنوات قتيلاً على يد (فيزياء) القرن العشرين؛ إلا أن هذا الإله الهالك، لا يزال يجر خطاه في عدد لا يستهان به من مباحثنا الأدبية والفلسفية: فقد دخل في عالم (أفكارنا)، في الوقت نفسه الذي لفظه فيه العلم من عالمه! ..

وفي أيامنا هذه تُدَاعَبُ النزعة الوجودية في العالم الإسلامي، حيث يبذل - أو على الأصح- بذل مجهود معين، لأقلَمة بعض الأفكار (السارترية

<<  <   >  >>