للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مترادفان لغة (١) واصطلاحا، إلا أن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسم عليهما، وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون، فيقولون في المطلق والنسبي تفرد به فلان، أو أغرب به فلان).

[الصحيح لذاته:]

قال الحافظ: -[(وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط، متصل السند، غير معلل ولا شاذ: هو الصحيح لذاته. وتتفاوت رتبه، أي الصحيح، بسبب تفاوت هذه الأوصاف. ومن ثم قدم صحيحُ البخاري، ثم مسلم، ثم شرطُهُما)]-.

قال في "النزهة" (ص/٧٠): (قوله: وخبر الآحاد: كالجنس، وباقي قيوده كالفصل) وهذا تأكيد من الحافظ لكون المتواتر ليس من علم الدراية ولا يبحث عن إسناده، وأنه كله مقبول إذا توفرت فيه شروطه.

خرج بقوله: (خبر الآحاد) المتواتر، وبقوله (عدل) غير العدل كالكاذب، وبقوله (تام الضبط) خفيف الضبط وفاحش الغلط ونحوه، وبقوله (متصل السند) المنقطع على أي وجه كان انقطاعه، وبقوله (غير معلل ولا شاذ) المعلل والشاذ.

وهذا الحد غير مانع ولابد من إضافة قيد: (عن مثله إلى منتهاه) ليخرج ما كان فقط أحد رواته على صفة الصحيح دون باقي رواته.

وعليه فالصحيح لذاته (خبر الآحاد متصل السند بنقل عدل تام الضبط، عن مثله إلى منتهاه، ولم يكن معللا ولا شاذا).

[شرح قيود التعريف:]

العدالة: قال الحافظ في "شرح النخبة" (ص/٦٩): (والمراد بالعدل من له ملكة تحمله

على ملازمة التقوى والمروءة. والمراد بالتقوى اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة).

واعترض الصنعاني في "ثمرات النظر في علم الأثر" على هذا التعريف بعدة اعتراضات، واختار أن مدار العدالة على مظنة صدق الراوي دون بقية الشروط المذكورة في تعريف العدالة، وقد ذكرت اعتراضاته في شرح الموقظة، فلا داعي للتكرار.

[تعريف الضابط:]

قال الصنعاني في "توضيح الأفكار" (١/ ٨): (الضابط عندهم من يكون حافظا متيقظا غير مغفل ولا ساه ولا شاك في حالتي التحمل والأداء وهذا الضبط التام وهو المراد هنا). أي في تعريف الحديث الصحيح.

بمَّ يعرف الضبط؟

قال ابن الصلاح في "مقدمته" (ص/٦١): (يعرف كون الراوي ضابطا بأن نعتبر روايته بروايات الثقاة المعروفين بالضبط والإتقان. فإن وجدنا رواياته موافقة - ولو من حيث المعنى - لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا. وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه، ولم نحتج بحديثه، والله أعلم).

[أقسام الضبط:]

قال الحافظ في "المزهة" (ص/٦٩): (والضبط: ضبط صدر: وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء. وضبط كتاب: وهو صيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه. وقيد بالتام إشارة إلى الرتبة العليا في ذلك).

وقال الصنعاني في "توضيح الأحكام" (١/ ١٩): (فالذي ذكر المحدثون أربع صور: تام الضبط، خفيفه، كثير الغلط، من غلطه أكثر من حفظه، فالأوليان مقبول من اتصف بهما، والأخريان مردود من اتصف بهما).

[اتصال السند:]

وقال المليباري في رسالته علوم الحديث في ضوء تطبيقات المحدثين النقاد: (وأما العنصر الثاني - أي اتصال السند - فيعرف بما يلي:

١ - تصريح كل من سلسلة الإسناد بما يدل على سماعه للحديث من مصدره الذي


(١) قال المناوي (١/ ٣٢٦): (قال الكمال بن أبي شريف: فيما زعمه من كونهما مترادفين لغة نظر، أي لأن الفرد في اللغة الوتر، وهو الواحد. والغريب من بعد عن وطنه، وأغرب فلان جاء بشيء غريب أو كلام غريب بعيد عن الفهم. هذا كلام أهل اللغة، فالقول بالترادف لغة باطل. ولهذا قال الشيخ قاسم: الله أعلم بمن حكى هذا الترادف، وقد قال ابن فارس في " المجمل ": عزب بعد، والغربة الاغتراب عن الوطن. والفرد: الوتر، والفرد المنفرد هذا كلام أهل اللغة، وليس فيه ما يقتضي الترادف ولا يوهمه).وأفاد الشيخ عبدالله السمين أن الجواب أنهما مترادفان بحسب المآل؛ لأن الغريب عن وطنه كأنه انفرد. وانظر اللقاني (١/ ٦٥٦).

<<  <   >  >>