للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرض (١):

-[قال الحافظ: (ثم أخبرني، وقرأت عليه، ثم قرئ عليه وأنا أسمع).]-

وقال في "النزهة" (ص/٢٤٨): (والثالث: وهو أخبرني، والرابع: وهو قرأت لمن قرأ بنفسه على الشيخ، فإن جمع كأن يقول: أخبرنا، أو: قرأنا عليه، فهو كالخامس، وهو: قرئ عليه وأنا أسمع. وعرف من هذا أن التعبير "بقرأت" لمن قرأ خير من التعبير بالإخبار؛ لأنه أفصح بصورة الحال.

[تنبيه:]

القراءة على الشيخ أحد وجوه التحمل عند الجمهور، وأبعد من أبى ذلك من أهل العراق، وقد اشتد إنكار الإمام مالك، وغيره من المدنيين، عليهم في ذلك (٢)، حتى بالغ بعضهم فرجحها على السماع من لفظ الشيخ، وذهب جمع جم، منهم البخاري -وحكاه في أوائل صحيحه عن جماعة من الأئمة- إلى أن السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه -يعني في الصحة والقوة- سواء (٣)، والله أعلم).


(١) قال اللقاني (٢/ ١٤٤١): (أعلم أن القراءة على الشيخ تسمى: العرض؛ لعرض القارئ الحديث على الشيخ كما يعرض القرآن على المقرئ، وهي - مع كونها من وجوه التحمل - أدنى من السماع من لفظ الشيخ. والأجود عندهم في أداء ما تحمله بها أن يقول: "قرأته على فلان"، إذا كان العرض بنفسه، أو "قرئ عليه وأنا اسمع" إن كان بقراءة غيره).
وقال الحافظ في "الفتح" (١/ ١٤٩): (إنما غاير بينهما - أي القراءة والعرض على المحدث - بالعطف لما بينهما من العموم والخصوص لأن الطالب إذا قرأ كان أعم من العرض وغيره ولا يقع العرض إلا بالقراءة لأن العرض عبارة عما يعارض به الطالب أصل شيخه معه أو مع غيره بحضرته فهو أخص من القراءة وتوسع فيه بعضهم فأطلقه على ما إذا أحضر الأصل لشيخه فنظر فيه وعرف صحته وأذن له أن يرويه عنه من غير أن يحدثه به أو يقرأه الطالب عليه والحق أن هذا يسمى عرض المناولة بالتقييد لا الإطلاق وقد كان بعض السلف لا يعتدون إلا بما سمعوه من ألفاظ المشايخ دون ما يقرأ عليهم ولهذا بوب البخاري على جوازه وأورد فيه قول الحسن وهو البصري لا بأس بالقراءة على العالم ثم أسنده إليه بعد أن علقه).
(٢) قال السماحي في " فتح المغيث" (٢/ ١٧٤): (وكان مالك يأبى أشد الإباء على المخالف ويقول: كيف لا يجزيك هذا في الحديث ويجزيك في القرآن، والقرآن العظيم أعظم؟! ولذا قال بعض أصحابه: صحبته سبع عشرة سنة، فما رأيته قرأ (الموطأ) على أحد، بل يقرءون عليه).
(٣) قال السيوطي في "التدريب" (١/ ٤٢٦): (واستدل الحميدي ثم البخاري على ذلك «بحديث
ضمام بن ثعلبة: لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: " إني سائلك فمشدد عليك، ثم قال: أسألك بربك ورب من قبلك، آلله أرسلك». الحديث في سؤاله عن شرائع الدين، فلما فرغ قال: «آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي، فلما رجع إلى قومه اجتمعوا إليه فأبلغهم فأجازوه» أي: قبلوه منه وأسلموا. وأسند البيهقي في " المدخل " عن البخاري قال: قال أبو سعيد الحداد: وعندي خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة على العالم، فقيل له: قال قصة ضمام، «آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم») وهذا يدل على اعتبارها لا أنها أرجح من السماع من لفظ الشيخ.

<<  <   >  >>