للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رواية قتادة بن دعامة في قصة الغرانيق]

في رواية قتادة بن دعامة السدوسي البصري: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتمنى ألا يعيب الله آلهة المشركين، فألقى الشيطان في أمنيته: إن الآلهة التي تدعى، إن شفاعتهن لترتجى، وإنها للغرانيق العلى، فنسخ الله ذلك وأحكم الله آياته بقوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم:١٩] حتى بلغ: {مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم:٢٣].

قال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى قال المشركون: قد ذكر الله آلهتكم بخير، ففرحوا بذلك، فذكر الله تعالى قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج:٥٣].

وفي رواية: بينما رسول عليه الصلاة والسلام يصلي عند المقام.

أي: عند مقام إبراهيم.

وانظروا إلى اختلاف هذه الروايات: مرة وهو يصلي، ومرة وهو ساه، ومرة على لسانه وهو متيقظ، وغير ذلك من اختلاف الروايات التي تدل على بطلان القصة من أساسها.

فألقى الشيطان على لسانه كلمة فتكلم بها وتعلق بها المشركون، فقال: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم:١٩ - ٢٠] حتى ألقى الشيطان على لسانه: وإن شفاعتهن لترتجى، وإنها لمع الغرانيق العلى، فحفظها المشركون، وأخبرهم الشيطان أن نبي الله قد قرأها، فزلت بها ألسنتهم، فأنزل الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ} [الحج:٥٢] الآيات، فدحض الله الشيطان ولقن نبيه حجته.

وفي رواية: لما عاتبه جبريل قال عليه الصلاة والسلام: (أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه وشركني في أمر الله) وغير ذلك من كلمات الندم التي قالها النبي عليه الصلاة والسلام.

وغير ذلك أيها الإخوة الكرام! من روايات هذه القصة العجيبة وهي كثيرة.

مفاد هذه الروايات: أن النبي عليه الصلاة والسلام ضحك عليه إبليس اللعين بأن أدخل في القرآن ما ليس منه، وأن النبي عليه الصلاة والسلام استجاب له في ذلك وأدخل في القرآن كذلك ما ليس منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>