للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المؤمنون وسط في باب الحلال والحرام]

وكذلك في باب الحلال والحرام، فإن اليهود تنكبوا طريق الحلال والحرام، فارتكبوا الحرام وتركوا الحلال، وعلى العكس منهم فعل النصارى، ولكن هذه الأمة توسطوا في باب الحلال والحرام، فإنهم لم يحلوا شيئاً إلا أحله الله، ولم يحرموا شيئاً إلا حرمه الله؛ ولذلك أنزل الله تعالى عقوبته على اليهود والنصارى، ولم ينزلها على المؤمنين الموحدين.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (فإن اليهود كما قال الله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء:١٦٠]-كانت حلالاً، وبسبب ظلمهم حرمها الله تعالى عليهم- فلا يأكلون ذوات الظفر مثل: الإبل والبط، ولا شحم الثرب والكليتين ولا الجدي في لبن أمه إلى غير ذلك مما حرم الله تعالى عليهم من الطعام واللباس، حتى قيل: إن المحرمات عليهم ثلاثمائة وستون نوعاً، والواجب عليهم مائتان وثمانية وأربعون أمراً).

وكذلك شدد الله عز وجل عليهم في النجاسات، فإذا أصاب ثوب أحدهم بول فلا يطهره الماء ولا التراب، إنما يلزمه أن يقرضه بالمقاريض، ويرميه ويلقيه على المزابل.

قال: (أما النصارى فاستحلوا الخبائث والمحرمات، وباشروا جميع النجاسات).

فالواحد منهم يصيب ثوبه البول والنجاسة، فيدخل الكنيسة فيصلي على هذا النحو.

أما نحن فإننا وسط في باب الحلال والحرام وفي باب النجاسات بين اليهود والنصارى، إذا أصاب ثوب أحدنا نجس أو خبث أزاله وغسله بالماء، ثم دخل في الوقوف بين يدي ربه لا حرج عليه، لم يؤمر بقرض الثوب بالمقراض، كما أننا كذلك لا تصح عبادتنا بهذه النجاسة، فإننا أمة طاهرة مطهرة بتطهير الله عز وجل لها من الأرجاس والأدران.

<<  <  ج: ص:  >  >>