للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق]

والسلف كذلك يعتقدون أنه ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق، فالله تعالى له اليد ولي يد، فالقدر المشترك بيني وبين الله في الاسم فقط، والقدر الفارق هو في حقيقة وماهية وكيفية هذه اليد، هذا ثابت في صفات المخلوقين، بل في صفات المخلوق الواحد أحياناً، فأنت لا تجد يده اليمنى كيده اليسرى، فكيف تجعلون يد المخلوق عموماً كيد الخالق خاصة، كيف ذلك؟ لابد أن يكون بين كل شيئين قدر فارق وقدر مشترك، وكذلك الله تعالى له ذات وأنت ذات، لكن الاتفاق في مطلق الاسم، وأما في الحقيقة والكيفية فذات الله تختلف عن ذوات المخلوقين والعكس بالعكس، والله تعالى له صورة ولك صورة، والاتفاق في الاسم والاختلاف في الكيفية والحقيقة، وهكذا ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك أي: في مطلق الاسم وبينهما كذلك قدر فارق، فإذا كان هذا في المخلوقين فهو بين الخالق والمخلوق من باب أولى.

هذه بعض الأصول التي سلكها سلفنا رضي الله عنهم فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، ولذلك مذهب السلف في أصول الدين وسط بين التمثيل والتعطيل، كما أن هذه الأمة وسط بين الأمم كلها، فهم لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذات الله بذوات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا ويحرفوا الكلم عن مواضعه، ويلحدوا في أسماء الله وآياته، فهم وسط بين هؤلاء وهؤلاء، ويعتقدون أن كل ممثل معطل، وأن كل معطل ممثل؛ لأنهم لم يفهموا أسماء الله وصفاته إلا ما يفهمون من أسماء وصفات المخلوقين؛ ولذا قال شيخ الإسلام: الممثل يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>