للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عمود الكتاب والإسلام بالشام]

رابعاً: عمود الكتاب والإسلام بالشام، وتمام دين الله عز وجل بالشام، قال النبي عليه الصلاة والسلام -أي: في ليلة الإسراء-: (عمود أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة، فقلت: ما تحملون؟ قالوا: عمود الإسلام، أمرنا أن نضعه بالشام)، أمر الله الملائكة أن تضع الإسلام وعموده الإيمان والتوحيد في أرض الشام، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (وبينما أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلس من تحت رأسي)، أي: أخذ من تحت رأسي من المدينة النبوية، قال: (وإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع في الشام)، لم يزل هذا العمود الذي انتزع من تحت وسادة النبي عليه الصلاة والسلام يضيء حتى استقر به المقام في أرض الشام، وهذا دليل على استقرار الأمن والإيمان في أرض الشام في آخر الزمان.

قال صلى الله عليه وسلم: (ولا تخرب الشام قط إلا قبيل قيام الساعة) بعد أن يبعث الله ريحاً طيبة من أرض الشام فتقبض روح كل عبد مؤمن ومن في قلبه ذرة من إيمان أو خير، ولا يبقى في أرض الشام حينئذ إلا شرار الخلق عليهم تقوم الساعة، لكن خراب المدينة قبل خراب الشام، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ولا تخرب الشام حتى تخرب يثرب)، يعني: المدينة خرابها أولاً قبل خراب الشام، وهذا يدل على عظم الشام، والثبات الإيماني بها إلى آخر لحظة من حياة أهل الإيمان والتوحيد.

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا به نور ساطع عمد به إلى الشام -يعني: ذهب به إلى الشام- ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام)، ألا إن الإيمان والأمن إذا وقعت الفتن بالشام، وهذا لا يعني أنه لا يكون في أرض الشام فتن، لكنها أقل نسبة، فلو نظرنا إلى الفتن التي تقع الآن بفلسطين، وقسناها بما يقع من فتن في بلاد العالم أجمع لجموع المسلمين العزل لعلمنا أن الله تبارك وتعالى ما زال مثبتاً وحافظاً لأهل الشام في وجوه أعدائهم من اليهود، وكلنا يلحظ ذلك.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (بينما أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به -يعني: يذهب بغير رجعة- فأتبعته بصري -أي: فظللت أنظر إليه- فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حيث تقع الفتن بالشام).

قال العز بن عبد السلام: أخبر صلى الله عليه وسلم أن عمود الإسلام الذي هو الإيمان يكون عند وقوع الفتن بالشام، بمعنى: أن الفتن إذا وقعت في الدين كان أهل الشام برآء من ذلك ثابتين على الإيمان، وإن وقعت في غير الدين كان أهل الشام عاملين بموجب الإيمان ومقتضاه، وأي مدح أتم من ذلك لأهل الشام؟! والمراد بعمود الإسلام ما يعتمد أهل الإسلام عليه، ويلتجئون إليه، والعيان شاهد لذلك، فإنا رأينا أهل الشام على الاستقامة التامة، والتمسك بالكتاب والسنة عند ظهور الأهواء واختلاف الآراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>