للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لتلك الثقافة الغربية التي فرضت جاذبيتها على ٩٠% من الطبقة المثقفة المسلمة فوضعتهم هكذا تحت تصرف الاستعمار.

فالخطر في هذا الحكم قد بدا لي متزايداً بقدر ما رأيته مُقَعَّداً على ملاحظة صحيحة، لأنني لو أعدت النظر في تقدير المتحدث فربما لم أجده قد بالغ فيه، بل على العكس، لقد لطفه، إذ أنني أعتبر ((فراغ المثقفين)) عندنا، من أكبر مشكلاتنا اليوم.

ولكننا، عندما نقدم مقدمات صحيحة ونستخلص منها استنتاجات خاطئة فإننا نتجنب خطأ لنقع في مثله أو أشد منه، كذلك الخطأ الذي وقع فيه الأستاذ الكريم دون أن يشعر .... والمهم في الأمر هو أن نبين النتائج الوخيمة التي تنتج، عن تفسير مخطئ، في توجيه العقول في بلد معين.

فكان الحديث يدور- وهنا كل أهميته- في قضية الثقافة، لكنه يتناولها على الهامش لا مباشرة.

لقد خصصنا لهذه القضية مقالة تناولتها في عمومها (١) وألمحنا فيها إلى جانب منها نسميه الجانب المرضي في الثقافة، وقد حاولنا في مقالتنا هنا تحديد النوع الجرثومي الذي يعزى إليه هذا الجانب، فأطلقنا عليه ((الأفكار القاتلة)) أي تلك الأفكار التي نستعيرها من الغرب، كما سوف نطلق في هذه السطور اسم ((الأفكار الميتة)) على ما يجول بأنفسنا من أفكار فقدت الحياة كتلك الأفكار التي يبديها الأستاذ الزيتوني في الحديث الذي كنا نستمع إليه في مقهى بباريس ... وربما يمكننا أن نلاحظ، ونحن في سياق الحديث، أن هذه الأفكار وتلك يعبر كل منهما عن جانب من مأساة البلاد المُستعمَرة: الجانب الذي نسميه الاستعمار والجانب الذي نطلق عليه ((القابلية للاستعمار)).

ولكن لو وجب علينا أن نميز بين الفئتين لقلنا إن ((الأفكار الميتة)) التي


(١) لم نجد هذه المقالة تحت أيدينا.

<<  <   >  >>