للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[توجيه مقولة عمر رضي الله عنه في الحكم بالنفاق على حاطب وغيره]

السؤال

المشهور عن عمر بن الخطاب أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائذن لي يا رسول الله أن أضرب عنق هذا المنافق) في بعض المواقف، وقد قال لي أخ كريم: إن عمر رضي الله عنه كان مخطئاً في هذا الموقف.

هل هذا صحيح؟ نرجو التوضيح في هذا القول يرحمكم الله.

الجواب

على أية حال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه معروفاً بقوته وشدته في الحق لا في غير ذلك كما يفهم كثير من الناس، ومن غيرته وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك، كما كان الصحابة يحبونه صلى الله عليه وسلم هذا الحب الجم، ففي غزوة أحد انكشف النبي صلى الله عليه وسلم وانكشف القوم، فلما أشرف النبي صلى الله عليه وسلم برأسه هكذا ينظر إلى القوم قال طلحة بن عبيد الله: لا تشرف يا رسول الله على القوم فيصيبك سهم من سهامهم.

نحري دون نحرك يا رسول الله! يعني: أفديك بدمي، ونفدي النبي صلى الله عليه وسلم بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا ودمائنا، فـ عمر بن الخطاب يدخل من هذا الباب في حبه للنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه، وأن كل ما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم يؤذي عمر بن الخطاب؛ ولذلك قال: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله.

فقد ثبت أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (اعدل يا محمد، فإن هذه القسمة لم يقصد بها وجه الله، قال: ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟!) فلما سمع ذلك الإنكار عمر بن الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم انتفض لذلك وظن أن النفاق قد لحقه وقال: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله.

فحجزه النبي صلى الله عليه وسلم ودفعه عنه ونهاه.

وفي موقف حاطب بن أبي بلتعة لما أرسل الكتاب إلى قريش إنما كان ذلك لعلة كانت عند حاطب، ولا شك أن هذه الأفعال ليست من أفعال المسلمين، كما أن من يأتي فعلاً من أفعال المنافقين لا يلزم من فعله ذلك أن يكون منافقاً، كما أنه لا يلزم من إتيان عمل من أعمال الكافرين أن يكون صاحبه كافراً، فهذا الكلام من عمر يتنزل هذا المنزل أن هذا العمل من أعمال المنافقين، ولكن الذي أتى به لم يكن منافقاً على الحقيقة، وإنما الفعل نفسه من أفعال المنافقين.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>