للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذهب فردَّها في وجهه، وقال: "يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة، ثم يقعد يَسْتَكِفُّ الناسَ، خيرُ الصدقة ما كان عن ظهر غِنَى" (١).

ويظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم راعى في ذلك اختلاف أحوال الأشخاص، وما هو أصلح في حقِّ كلِّ واحدٍ منهم في دنياه وآخرته.

فهذه الأحاديث وغيرها كلُّها تدلُّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراعي اختلاف الأحوال والأشخاص، وينزِّل الأحكام على كلِّ مكلَّفٍ بما يليق به، وهذا لا يُتَصَوّر إلا بإثبات مُتَعَلَّق الحُكْم الشرعي في بعض أفراده، وهو تصُّرفٌ نبويٌّ يُعْتَبر من صور الاجتهاد في تحقيق المناط الخاص، كما أنه دليلٌ على اعتبار أصل هذا النوع من الاجتهاد جملة؛ لأنه مندرجٌ في عموم الاستدلال على إثبات العمل في تحقيق المناط (٢).

قال الشاطبي: " وما تقدَّم وأمثاله كافٍ مفيدٌ للقطع بصحة هذا الاجتهاد" (٣).


(١) أخرجه أبو داود في " سننه "، كتاب الزكاة، باب الرجل يخرج من ماله، رقم (١٦٧٣)، وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه"، رقم (٢٤٤١)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، رقم (٣٣٧٢)، والحاكم في "مستدركه" (١/ ٤١٣) وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
(٢) ينظر: الموافقات (٥/ ٢٦).
(٣) المرجع السابق: (٥/ ٣٨).

<<  <   >  >>