للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإرسال لغة هو: مجرَّد الإطلاق, يقال: أرسل الناقة إذا أطلقها (١).

وقد سُمِّيت بالمصلحة المُرْسَلة لأنها مُطْلَقَةٌ لم يَرِدْ فيها دليلٌ خاصٌّ بالاعتبار أو الإلغاء، فهي مطلقةٌ من جهة الدليل الخاص لكنها مندرجةٌ تحت الدليل الكلي العام.

ومن هذا التعريف يمكن أن نستخلص ثلاثة قيودٍ تميِّز المصلحة المُرْسَلة عن غيرها من المصالح وهي:

الأول: أن لا يشهد لها نصٌّ خاصٌّ بالاعتبار, فيخرج بهذا القيد المصالح التي شهدت لها النصوص الخاصة بالاعتبار.

الثاني: أن لا يشهد لها نصٌّ خاصٌّ بالإلغاء، وهذا القيد يدل على عدم معارضتها للنصوص الشرعيَّة الخاصة.

الثالث: أن تكون ملائمةً لمقصود الشارع.

والمراد بملاءمة مقصود الشارع: أن لا تنافي أصلاً من أصوله، ولا تعارِض نصَّاً أو دليلاً من أدلته، بل تكون مُتَفَقَةً مع المصالح التي قصد الشارع تحصيلها.

قال الغزالي: " فكلُّ مصلحةٍ لا ترجع إلى حفظ مقصودٍ فُهِمَ من الكتاب والسُّنَّة والإجماع وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرُّفات الشرع فهي باطلةٌ مطَّرَحَة" (٢).

وما يلائم تصرُّفات الشارع" لا يخرج عن كونه شرعياً, وإن لم يرِد به نصٌّ معين ,إذ لا يلزم من عدم التنصيص عليه عدم شرعيته, ولو كان كلُّ حُكْمٍ يحتاج إلى نصٍّ معيَّنٍ للزم أن تضيق الشريعة, واللازم باطل؛ لأنها واسعة, فكذلك الملزوم" (٣).

والمصلحة المُرْسَلة بهذه القيود تُعتبَر طريقاً للحُكْم يستند إلى الدليل


(١) ينظر: لسان العرب (١١/ ٢٨٥)، القاموس المحيط (١/ ١٠٠٦).
(٢) المستصفى: (٢/ ٥٠٢ - ٥٠٣).
(٣) عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق للباني: (٣٣١).

<<  <   >  >>