للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكن إبراز أوجه تطبيق الاجتهاد في المناط على هذه المسألة فيما يأتي:

أولاً: ثبت بالنصِّ والإجماع أن الأكل والشرب مفسدان للصيام , وعلى الصائم أن يمتنع عنهما من طلوع الفجر الصادق- وهو الضياء المعترِض في الأفق-إلى غروب الشمس (١).

قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عزَّ وجل: « .. إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به , يَدَعُ طعامه وشهوته من أجلي» (٢).

وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مناط التفطير بالأكل والشرب هو كلُّ ماوصل إلى الجوف أو الحلق أو الدماغ , سواءٌ كان ممايتغذَّى به البدن أو لايتغذى به, وسواءٌ كان من منفذٍ معتادٍ لوصول الطعام والشراب إلى الجوف أو من منفذٍ غير معتاد , مع اختلافٍ بينهم في بعض المسائل كالاكتحال والاحتقان والسُّعوط والتقطير في الأذن ونحو ذلك (٣).

قال الكاساني (٤): "وما وصل إلى الجوف أو إلى الدماغ عن المخارق الأصلية، كالأنف، والأذن، والدُّبُر، بأن استَعَطَّ أو احتقن أو أقطَرَ في أذنه فوصل إلى الجوف أو إلى الدماغ فسد صومه, أما إذا وصل إلى الجوف فلا شك فيه لوجود الأكل من حيث الصورة , وكذا إذا وصل إلى الدماغ؛ لأن له


(١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٢٣٢) , بدائع الصنائع (٢/ ٩٠) ,المغني لابن قدامة (٤/ ٣٤٩ - ٣٥٠) ,أحكام
... القرآن لابن العربي (١/ ١٣٢ - ١٣٣).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه",كتاب الصوم, باب فضل الصوم, رقم (١٨٩٤) ,وأخرجه مسلم في
"صحيحه",كتاب الصيام, باب فضل الصيام , رقم (١١٥١) واللفظ له.
(٣) ينظر: مواهب الجليل (٢/ ٤٢٤ - ٤٢٦) , مغني المحتاج للشربيني (٢/ ١٥٥ - ١٥٦) , شرح منتهى
الإرادات (١/ ٤٨١) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٩٥ - ٣٩٧).
(٤) هو: أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، علاء الدين، فقيهٌ حنفي، من مؤلفاته: بدائع الصنائع في
... ترتيب الشرائع (ط)، والسلطان المبين في أصول الدين، وغيرهما، توفي بحلب سنة (٥٨٧ هـ).

ينظر في ترجمته: الجواهر المضية (٤/ ٢٥)، الفوائد البهية (٥٣)، الأعلام للزركلي (٢/ ٧٠).

<<  <   >  >>