للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحوال الواردة في صيام يوم الشك عملاً بقول الحنابلة

يتفرع على هذه المسألة: من صام يوم الشك آخذاً بقول الحنابلة فلا يخلو حاله من أن يكون موصوفاً بإحدى الحالات الآتية: الحالة الأولى: صام يوم الشك وهو ينوي أنه من رمضان، فقد بيت النية على أن هذا من رمضان.

الحالة الثانية: صام يوم الشك معلقاً النية، ومعنى معلقاً النية أي: متردداً بين أن يكون اليوم هو يوم شك أم هو من رمضان، فإن كان من رمضان فهو من رمضان، وإن كان من غير رمضان فهو مطلق، فصاحبه متردد النية.

الحالة الثالثة: صام يوم الشك ولم ينو نية بحال من الأحوال، وإنما استيقظ فوجد نفسه لم يأكل، فقال: أصوم، ولم يحدد النية.

الحالة الرابعة: جاء يوم الشك فأكل وشرب، ثم ظهر يوم الشك أنه من رمضان.

فهذه أربع حالات.

فأما الحالة الأولى: إذا صام يوم الشك بنية أنه من رمضان فظهر أنه من رمضان، فهذا باتفاق الأمة أن صيامه صحيح.

الحالة الثانية: إذا صام يوم الشك متردداً في النية، فالأحناف الذين لا يجعلون النية ركناً في الصيام يقولون بصحة الصوم، والصحيح خلافه، وأن هذا الصوم لا يصح وعليه أن يمسك باقي اليوم ويلزمه القضاء.

الحالة الثالثة: من استيقظ فوجد نفسه صائماً ولم يأكل فاستمر في صيامه، فعند الأحناف يصح أن ينوي أن هذا اليوم من رمضان ولو في نصف النهار، وعند الجمهور -الأئمة الثلاثة وهذا الراجح الصحيح- أنه لا يصح؛ لأنه لا بد أن يبيت النية، وهو لم يبيت النية، فلا يصح من رمضان.

الحالة الرابعة: من أكل في يوم الشك ثم ظهر أنه من رمضان: فعند الجمهور يجب عليه الإمساك، وعليه قضاء هذا اليوم.

ولو سأل سائل عن الدليل؟ قلنا: الدليل ما جاء في صوم يوم عاشوراء عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم المنادي لينادي في الناس: (من أكل فليمسك باقي اليوم، ومن كان صائماً فليتم صومه) فعليه الإمساك، وعليه أن يقضي يوماً مكانه.

فهذه مجمل المسائل المتفرعة على صيام يوم الشك، وبقي مسألة: من صام ونوى أنه لو كان من رمضان فهو من رمضان، فظهر أنه من رمضان، فمن الممكن أن يكون فيها الخلاف على أن مطلق النية يقتضي الفساد، ومن الممكن أن نقول: بالاتفاق أنه بيت النية على أنه من رمضان فظهر أنه من رمضان، فيصح الصوم ويأثم بأنه صامه في يوم الشك، وعلى ذلك فالصحيح الراجح أن صيامه يجزئ وليس عليه قضاء، وأما من عداه فعليه قضاء هذا اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>