للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصبر]

ومن آداب طالب العلم: ألا يتحرك أو يعبث في مجلس العلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين لنا ذلك جلياً: عندما دخل المسجد ثلاثة نفر فوجد أحدهم فرجة في مجلس رسول الله فجلس فيها، واستحيا الثاني فجلس وراء الحلقة، وذهب الثالث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما الأول فأقبل الله عليه)، وإذا أقبل الله على عبد فمن يضيره ومن يضيعه؟ ومن يجعله خاسراً؟ والله لو اجتمع أهل السماوات والأرض على أن يضيعوه ما ضيع, فمن كان الله معه فمن عليه؟ قال: (وأما الآخر فاستحيا الله منه)، ومن لوازم حياء الله جل في علاه ألا يفضح عبده الذي جلس بعيداً وقد استحيا منه.

قال: (وأما الثالث فاستغنى فاستغنى الله عنه) ومن استغنى الله عنه فمن يغنيه ويدفعه؟ ومن يشفع له عند ربه جل في علاه؟ فيجب الصبر على طلب العلم، قلت تفهم مسائل العلم الدقيقة من أول مرة، فلا بد أن تصبروا وتصابروا على طلب العلم, والذين يجلسون حتى وإن لم يفقهوا فإن الله جل وعلا إن علم من قلوبهم الصدق, وإن علم من قلوبهم الصبر والمثابرة، أتتهم النتيجة, قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩]، فإذا علم الله أنك صادق النية، وأنك بإذن الله جل وعلا تريد الله جل وعلا وتريد طلب العلم ابتغاء وجه الله؛ فإن الله سييسر عليك كل الصعوبات, وستفتح لك مسائل كانت تستغلق على شيخ الإسلام ابن تيمية وعلى الشافعي وعلى مالك وعلى أحمد فيفتحها الله عليك، ففضل الله يؤتيه من يشاء, فالله أبى أن يعصم أحداً إلا رسوله صلى الله عليه وسلم.

فلا بد من الحرص على طلب العلم، ولا بد من المذاكرة والمتابعة.

ومن شرفه الله جل وعلا بأن يجد في الطلب ثم ينزل عن هذه المرتبة فقد أثم عند ربه؛ لأنه أصبح من فروض الأعيان عليه أن يطلب العلم وأن يجد فيه؛ لأنه من حملة الشريعة, والعلماء عزوا في هذا الزمان، وطلبة العلم هم الذين يسدون مسد العلماء, فإن تنحوا هم عن هذه الفريضة التي فرضها الله عليهم فقد أثموا عند ربهم وحسابهم على الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>