للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ألا يعارضه معارض معتبر من نصوص الشرع أمبادئه العامة، أو حكم العقل والعلم ونحوها.

ومثال المعارض المعتبر: ما ذكره الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " بعد أن ساق حديثًا في شأن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة المُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، وأحد الستة أصحاب الشورى. قال: «وَقَدْ [وَرَدَ] مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَمِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَنْ عَبَدَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْوًا لِكَثْرَةِ مَالِهِ " وَلاَ يَسْلَمُ أَجْوَدُهَا مِنْ مَقَالٍ وَلاَ يَبْلُغُ مِنْهَا شَيْءٌ بِانْفِرَادِهِ دَرَجَةَ الحَسَنِ. وَلَقَدْ كَانَ مَالُهُ بِالصِّفَةِ التِي ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ لِلْرَّجُلِ الصَّالِحِ " فَأَنَّىُ تَنْقُصُ دَرَجَاتِهِ فِي الآخِرَةِ، أَوْ يُقْصَرُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَغْنِيَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ إِنَّمَا صَحَّ سَبْقَ فُقَرَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ أَغْنِيَاءَهُمْ عَلَىَ الإِطْلاَقِ، وَاللهُ أَعْلَمُ».

نعم إنه يتساهل في أحاديث المواعظ والرقائق، والترغيب والترهيب، ما لا يتساهل في غيرها من أحاديث العقائد والأحكام ونحوها، ولكن ليس إلى حد قبول الضعيف بإطلاق.

ومن القضايا المهمة: قضية اختلاف علماء الجرح والتعديل في بعض الرواة بناء على الموازين الخاصة لكل منهم. وعلى ما بلغه من معلومات عن الراوي في عدالته أو ضبطه.

وهنا ينبغي أن نرجع إلى ما وضعوه أنفسهم من ضوابط لمثل:

أ - يُقَدَّمُ الجرح على التعديل، إذا كان الجرح مفسرًا ومعتدًا به، صادرًا من أهله.

ب - يُقَدَّمُ التعديل على الجرح إذا كان المُعَدِّلُونَ أكثر، والجرح غَيْرَ مُفَسَّرٍ.

ج - إذا تعادلت كَفَّتَا الميزان بين العدلين والجارحين، وكان كل منهما غَيْرَ مُفَسَّرٍ، فلا بد من مرجح، مثل النظر في منزلة المُعَدِّلِينَ وَالجَارِحِينَ، فَمَنْ عَدََّلَهُ البخاري مثلاً وَجَرَّحَهُ النسائي، قُدِّمَ تَعْدِيلُ البخاري. أو النظر في مراتب الجرح والتعديل، فإذا كان من عدله جعله في المراتب العليا للتوثيق. ومن جرحه جعله في آخر مراتب الجرح، رجح التعديل، والعكس بالعكس. إلى غير ذلك من المُرَجِّحَاتِ، كالنظر في مرويات الراوي، والحكم عليه من خلالها.

<<  <   >  >>