للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السجستاني. وتتابع العلماء بعد ذلك حتى أواخر القرن التاسع الهجري، طبقة بعد طبقة، تؤلف وتبحث في الرجال، وتتحرى أمر الرُّوَاة حتى لا يعسر عليك أن تجد في مؤلفاتهم تاريخ أي رجل يمر بك اسمه في كتب الحديث.

وكتب الجرح والتعديل، منها ما أفرد لذكر الثقات فقط، ككتاب " الثقات " لابن حبان البُستي، و" الثقات " لابن قطلوبغا (- ٨٨١ هـ) في أربع مجلدات، و" الثقات " لخليل بن شاهين (- ٨٧٣ هـ).

ومنها ما أفرد للضعفاء فقط، وَمِمَّنْ ألّف فيهم البخاري وَالنَسَائي وابن حبان والدراقطني والعقيلي وابن الجوزي وَابْنُ عَدِيٍّ، وكتابه " الكامل في الضعفاء " أوفى الكتب في ذلك وقد ذكر فيه كل من تكلم فيه وإن كان من رجال " الصَحِيحَيْنِ "، كما ذكر فيه بعض الأئمة المتبوعين، لأن بعض خصومهم في حياتهم تكلموا عنهم. وقد أََلَّفَ الذهبي كتابه " ميزان الاعتدال " من كتاب ابن عدي هذا.

ومنها ما جمع فيها بين الثقات والضعفاء وهي كثيرة جِدًّا من أشهرها تواريخ البخاري: "الكبير "، وهو مرتب على حروف المعجم، و"الأوسط "، و"الصغير " وهما مرتبان على السنين، وكتاب "الجرح والتعديل " لابن حبان، و" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي، و"الطبقات الكبرى " لابن سعد، ومن أجود الكتب في ذلك، " التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل " للحافظ ابن كثير، جمع فيه بين "تهذيب " المِزِّي، و" ميزان " الذهبي مع زيادات وتحرير في العبارات وهو أنفع شيء لِلْمُحَدِّثِ وَالفَقِيهِ التالي لأثره (١).

ولم يكن الأئمة الذين عنوا بهذا الفن على استواء واحد في مقاييس النقد الذي يوجهونه لِلْرُّوَاةِ، بل كان منهم المُتَشَدِّدُ ومنهم المتساهل ومنهم المتوسط المعتدل، فمن المُتَشَدِّدِينَ، ابن معين ويحيى بن سعيد القطان وابن حبان (٢) وأبو حاتم


(١) " توجيه النظر ": ص ١١٨.
(٢) بعضهم يذكره في المتساهلين وهو الأظهر.