للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمُغيرة بن شُعبة: (*) «ولا تهمل أنْ تَسُبَّ عَلِيّاً، وأنْ تطلب الرحمة لعثمان، وَأنْ تَسُبَّ أصحاب عَلِيٍّ، وَتَضْطَهِدَ من أحاديثهم، وعلى الضد مِنْ هذا أنْ تمدح عثمان وأهله وأنْ تُقََرِّبَهُمْ وتسمع إليهم». ثم يقول جولدتسيهر: «على هذا الأساس قامت أحاديث الأُمَوِيِّينَ على عَلِيٍّ».

انظر إلى هذا الدليل! معاوية يقول لأحد أتباعه أو أمرائه: اضطهد أصحاب عَلِيٍّ وقرِّبْ إليك أصحاب عثمان، فأي شيء في هذا يدل على وضع الأحاديث؟ أليس هذا ما يقع دائماً في كل حكومة مع أنصارها وَخُصُومِهَا في الرأي؟ فما علاقة ذلك بوضع الحديث؟ وأين تجد معاوية يقول للمُغيرة: لا تهمل في أنْ تضع الأحاديث على عَلِيٍّ، وأنْ تضع الأحاديث في عثمان؟ لو قال ذلك معاوية لكان دليلاً على ما يزعم، ولكن أين قال ذلك؟ وكيف نعلم ذلك من النص الذي نقله؟.

أما قول معاوية: «وَأنْ تَسُبَّ أصحاب عَلِيٍّ وَتَضْطَهِدَ من أحاديثهم» واستدلال المستشرق على أنَّ بعض الحديث قد اضطهد فَهَا هُنَا مجال العِبْرَةِ لمن يحسن الظن بعلم المُسْتَشْرِقِينَ وأمانتهم، إنَّ أصل العبارة كما رواها الطبري (١): «لاَ تَحْجِمْ عَنْ شَتْمِ عَلَيٍّ وَذُرِّيَّتَهُ، وَالتَّرَحُّمَ عَلَىَ عُثْمَانَ وَالاسْتِغْفَارِ لَهُ، وَالعَيْبَ عَلَىَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَالإِقْصَاءِ لَهُمْ، وَتَرْكُ الاسْتِمَاعِ مِنْهُمْ، وَإِطْرَاءُ شِيعَةِ عُثْمَانَ، وَالإِدْنَاءِ إِلَيْهِمْ وَالاسْتِمَاعِ مِنْهُمْ» فانظر كيف حَرَّفَ هذا المستشرق لفظ «والإِقْصَاءَ لَهُمْ» بلفظ «وَتَضْطَهِدَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ» فإن كلمة أحاديثهم لا وجود لها في أصل النص، أفرأيت كيف تكون أمانة العلماء؟ ولو فرضنا أنها واردة فلا معنى لأحاديثهم هنا إلاَّ كلامهم ومحاورتهم في مجالسهم، لا الأحاديث بمعنى الأقوال المنسوبة إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

هذه هي أدلته التي يَبْنِي عليها حُكْمًا خطيراً بأسلوب قاطع، بأنَّ الحكومة الأموية وضعت الأحاديث وَدَعَتْ إلى وضعها.

٨ - هَلْ اِسْتَغَلَّ الأُمَوِيُّونَ الزُّهْرِيَّ لِوَضْعِ الأَحَادِيثَ؟:

ثم يقول بعد ذلك: «ولم يكن الأُمَوِيُّونَ وأتباعهم لِيَهُمَّهُمْ الكَذِبَ في الحديث


(*) [قارن بالصفحة ١٩١ من هذا الكتاب].
(١) ٦/ ٤١.