للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لاَ يُوصَلُ إِلَى عِلْمِ تَأْوِيلِهِ، إِلاَّ بِبَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ تَأْوِيلُ جَمِيعِ مَا فِيهِ، مِنْ وجُوهِ أَمْرِهِ: وَوَاجِبِهِ، وَنَدْبِهِ، وَإِرْشَادِهِ». إلى آخره (١).

وقال أبوحيان الأندلسي المُفَسِّرُ صاحب " البحر المحيط " في صدد ما يحتاج إليه المُفَسِّرُ:

(الوجه الرابع) تعيين مبهم، وتبين مجمل، وسبب نزول، ونسخ. ويؤخذ ذلك من النقل الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذلك من علم الحديث، وقد تضمنت الكتب والأمهات التي سمعناها ورويناها ذلك كالصحيحين، والجامع للترمذي، وسنن أبي داود ... وأخذ يعدد كتب السُنَّة.

وفي " الاتقان " للسيوطي (٢) قال ابن تيمية: «يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ لأَصْحَابِهِ مَعَانِي الْقُرْآنِ، كَمَا بَيَّنَ لَهُمْ أَلْفَاظَهُ، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٣) يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا.

هذاو قد قسَّم الزركشي القرآن إلى قسمين: قسم ورد تفسيره بالنقل، وهو إما عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو الصحابة والتَّابِعِينَ، وقسم لم يرد.

فأنت ترى أنهم جعلوا التفسير بين منقول وغير منقول، وأوجبوا على المُفَسِّرِ أن يرجع إلى الأول ويعرفه، ولو لم يصح فيه شيء بل لو لم يصح منه شيء كثير لما فعلوا ذلك، وهنالك من العلماء من ذهب إلى أنه لا يجوز التفسير إلا بما ورد عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قال السيوطي في " الإتقان " (٤): «اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ هَلْ يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ الْخَوْضُ فِيهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: لاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَتَعَاطَى تَفْسِيرَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَدِيبًا مُتَّسِعًا فِي مَعْرِفَةِ الأَدِلَّةِ وَالْفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَالأَخْبَارِ وَالآثَارِ وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ ... إلخ».

وهذا وإن كان خلاف المعتمد إلا أنه يدل على أن هنالك آثاراً في التفسير لا يصح تجاهلها ولا يسوغ لأي عالم إنكارها، كيف وقد ذكر الشافعي في " مختصر


(١) ١/ ٢٥ من الطبعة الأميرية.
(٢) ٢/ ١٧٦ طبع مصطفى البابي - الطبعة الثانية.
(٣) [سورة النحل، الآية: ٤٤].
(٤) ٢/ ١٨٠.