للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الإسلام فلم يجبه إلا أبوه، وأبو هريرة. وهذا صريح في أن إسلام أبي هريرة قد تم قبل قدومه إلى الرسول في غزوة خيبر بسنوات.

الثاني - ما رواه " البخاري " و" مسلم " وغيرهما من أمر المشادة التي جرت بين أبي هريرة وبين أبان بن سعيد بن العاص حين قسمة الغنائم بعد فتح خيبر، فقد طلب أبان من الرسول أن يُقَسِّمَ له من الغنائم، فقال أبو هريرة: لا تُقَسِّمْ له يا رسول الله فإنه قاتل ابن قوقل - وهو النعمان بن مالك بن ثعلبة ولقبه قوقل بن أصرم - وذلك في معركة «أُحُدْ» إذ كان أبان لايزال مشركاً فقتل ابن قوقل (١).

ومن هذه القصة ندرك أن أبا هريرة حين قدم خيبر مهاجراً إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن حديث عهد بالإسلام بل كان متتبعاً لمعاركه وأحداثه بحيث يعلم أن أبان بن سعيد بن العاص هو الذي قتل (ابن قوقل) يوم أُحُدْ. وإلى هذا ذهب الحافظ ابن حجر (٢).

وقد أساء أَبُو رَيَّةَ - كعادته - فهم هذه القصة واستنتج منها غير ما يفهمه المُنْصِفُونَ وَأَيًّا ما كان فقد كان إسلام أبي هريرة إسلاماً خالصا لوجه الله كإسلام الصحابة جميعاً، سمع بالإسلام لأول مَرَّةٍ عن طريق الطفيل بن عمرو فما لبث أن دان به وقام بشعائره، ثم مازال متشوقاً للهجرة للرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قدم عليه، وقد كان الرسول والمُسْلِمُونَ في غزوة خيبر.

وأكثر الروايات على أن قدومه وافق الانتهاء من الغزوة، ولكنه حضر قسمة الغنائم، وبعض الروايات - وهي الأوثق والأصح - تثبت أن النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المُسْلِمِينَ بأن يفرضوا له منها نصيباً.

ثم لازم النبيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك على أن لا يلتفت إلى شيء من الدنيا إلا أن يستمع إلى الرسول ويحمل للمسلمين من بعده هدايته وينقل إليهم


(١) أورد البخاري القصة على عادته في موضع متفرقة، ولكن أوفاها ما أورده في " باب غزوة خيبر "، انظر " فتح الباري ": ٧/ ٣٩٥.
(٢) " فتح الباري ": ٨/ ٨٣.