للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَأُولاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (١) عام في المطلقات وغيرهن.

وهذا النمط في السُنَّةِ كثير، لكن نصوص القرآن لا تفي بهذا المقصود بحيث تتسع لكل أحكام السُنَّةِ مع التزام جانب الدقة، وإمكان تحمل النص ذلك حسب البيان العربي والإثارة العربية، قال الشاطبي: «وَأَوَّلُ شَاهِدٍ فِي هَذَا - أَيْ تَعَذُّرُ ذَلِكَ فِيْ كُلِّ النُّصُوصِ - الصَّلاَةِ وَالحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَاللُّقَطَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْقِسَامَاتِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنْ أُمُورٍ لاَ تُحْصَىَ، فَالمُلْتَزِمَ لِهَذَا لاَ يَفِي بِمَا ادَّعَاهُ إِلاَّ أَنْ يَتَكَلَّفَ فِي ذَلِكَ مَآخِذَ لاَ يَقْبَلُهَا كَلاَمُ العَرَبِ، وَلاَ يُوَافِقُ عَلَى مِثْلِهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ وَلاَ العُلَمَاءُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» (٢).

هذه هي أهم المسالك التي سلكها العلماء للبرهان على احتضان القرآن لِلْسُنَّةِ وانضوائها تحت رايته.

ومنها كما رأيت مسالك عامة لا تدل إلا على أن القرآن دَلَّ على وجوب العمل بها.

ومنها:- ما لا ينفرد وحده بسلك جميع أحكام السُنَّةِ في الطريق الذي اختاره.

ومنها:- ما يتسع لذلك.

والأولى أن تجعل كلها طُرُقًا يتمم بعضها بعضاً، ولا شك أن مجموعها كفيل بإرجاع جميع أحكام السُنَّةِ - حتى التي أتت بأحكام جديدة - إلى نصوص القرآن، وبذلك يتم تفسير قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (٣) على أحسن وجه وأدق بيان.

قِصَصُ السُنَّةِ:

بقي مِنَ السُنَّةِ ما خرج مخرج القِصَصِ والأمثال والمواعظ، وهذه منها


(١) [سورة الطلاق، الآية: ٤].
(٢) " الموافقات ": ٤/ ٥٢.
(٣) [سورة الأنعام، الآية: ٣٨].