للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الشام " برغم أنف أَبِي رَيَّةَ - ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالفََهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» (١) وصدق الله وصدق رسوله الكريم.

بقي أن أقول كلمة عن صدر الدين شرف الدين الذي احتضن كتاب أَبِي رَيَّةَ الجديد، وطبعه، وقدم له، واتهمني بأنني سأطعن أَبَا رَيَّةَ بالتشيع كما طعنته من قبل، وزعم أنه وجد فيه العالم المُحَقِّقَ الذي لا يشق له غبار، وقد عذرته في ذلك لأن له معنا قصة تَحَدَّثْتُ عنها في العدد التاسع مِنَ السَنَةِ الأولى من مجلة " حضارة الإسلام " كشفنا فيها عن متاجرته بالعصبيات المذهبية كما هو شأن أمثاله، ولأني تَحَدَّثْتُ في مقدمة كتابي " السُنَّةُ " عن أبيه «عَبْدِ الحُسَيْن» في أبي هريرة، وهو الذي انتهى منه إلى تكفير أبي هريرة، وأنه من أهل النار ببشارة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -!. هكذا فعل (عَبْدُ الحُسَيْنِ) مع الصحابي الذي روى أكثر من حديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُبِّهِ للحسين وأخيه، واحتضانه لهما، ودعائه لمن يُحبُّهُمَا، فَلِعَبْدِ الحُسَيْن من الله ما يستحق، ولقد كان كتابه عمدة أَبِي رَيَّةَ فيما كذب به على أبي هريرة، وفيما قاله من بذيء السباب والشتائم، ولقد قُلْتُ هناك: إن أَبَا رَيَّةَ قد يُرضي الشيعة فيما كتب - ولم أقل: إن أَبَا رَيَّةَ قد تشيع كما زعم صدر الدين - ولكنه بلا شك سيفتح عليهم باب الجدل، وسيثير ثائرة الجماهير في العالم الإسلامي الذين يرون في أبي هريرة أكبر صحابي حفظ سُنَّةَ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورواها بصدق وأمانة إلى جيل التَّابِعِينَ، فليس من السهل عليهم أن يسمعوا هذا السباب الجارح المقذع في حقه، بينما يجب أن تنصب جهود المخلصين من أَهْلِ السُنَّةِ، وَالشِيعَةِ إلى جمع الشتات وتوحيد الكلمة إزاء الأخطار المُحدقة بالعالم الإسلامي وبالعقيدة الإسلامية من أساسها، وهي تُهَدِّدُ بخروج شباب


(١) أصل الحديث صحيح رواه " البخاري " و" مسلم " و" أحمد " وأما النص على أنها من أهل الشام فقد رواها البخاري في " تاريخه " (انظر: " تهذيب ابن عساكر " لبدران: ١/ ٥٤ وانظر أيضاً " زاد المسلم ": ٥/ ١٩٣ نقلاً عن " البخاري " أنها من قول مُعاذ بن جبل - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وانظر: " تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق للربعي " للشيخ ناصر الدين الألباني: ص ٨).