للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاول أن يلصقه به المستشرق «جولدتسيهر» من تهم وأباطيل، إن صحت أذهبت الثقة بهذا الإمام وبحديثه ومروياته، وإذا ذهبت الثقة به فقد ذهبت الثقة بكُتُبِ السُنَّةِ كلها، لما ذكرناه لك من عظيم مقام الزُّهْرِيِّ فِي عِلْمِ السُنَّةِ، ولأنه أول مَنْ دَوَّنَهَا، ولكننا - بحمد الله - كشفنا الستار عن تلك الأباطيل، وَبَيَنََّا ما فيها من تَحَامُلٍ على هذا الإمام العظيم الذي كان كما قال شيخ الإسلام «ابن تيمية» خادم الإسلام سبعين سَنَةٍ.

إن إماماً كالزُّهْرِي كان يقول: «مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلُ مِنَ العِلْمِ، إِنَّ هَذَا العِلْمَ أَدَبُ اللهِ الذِي أَدَّبَ بِهِ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، وَهُوَ أَمَانَةٌ اللهِ إِلَى رَسُولِهِ لِيُؤَدِّيهِ عَلَى مَا أَدَّى إِلَيْهِ، فَمَنْ سَمِعَ عِلْمًا فَلْيَجْعَلََهُ أَمَامَهُ حُجَّةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» وكان يقول: «إِنَّ لِلْتَّعْلِيمِ غَوَائِلَ، فَمِنْ غَوَائِلِهِ أَنْ يَتْرُكَهُ العَالِمُ حَتَّى يَذْهَبَ عِلْمُهُ، وَمِنْ غَوَائِلِهِ النِّسْيَانُ، أَمَّا وَمِنْ غَوَائِلِهِ الكَذِبُ فِيْهِ وَهُوَ أَشَدُّ غَوَائِلِهِ» إن إماماً كهذا الإمام العظيم، كان في حياته عَلَمًا من أعلام الهُدَى، وسيظل كذلك إلى ما شاء الله، رغم أنف الجاحدين والمتعصبين والمبطلين، والحمد لله رب العالمين.

عودة إلى مناقشة شُبَهِ المُسْتَشْرِقِينَ:

٩ - تَغْيِيرُ الأُمَوِيِّينَ الحَيَاةَ الدِّينِيَّةَ:

ثم يقول المستشرق «جولدتسيهر» بعد أن فرغ من الكذب على الزُّهْرِي: «ولم يقتصر الأمر على وضع أحاديث سياسية أو لصالح البيت الأموي، بل تَعَدَّى ذلك إلى الناحية الدينية في أمور العبادات التي لا تتفق مع ما يراه أهل المدينة، مثل ما هو معروف من أنَّ خطبة الجمعة كانت خُطبتين، وكان يخطب الخلفاء وقوفاً، وأنَّ خطبة العيد كانت تَتْبَعُ الصلاة فَغَيَّرَ الأُمَوِيُّونَ من ذلك، فكان يخطب الخليفة خطبة الجمعة الثانية جالساً، وجعلوا خطبة العيد قبل الصلاة، واستدلوا لذلك بما رواه رجاء بن حَيْوَةَ من أنَّ الرسول والخلفاء كانوا يخطبون جلوساً في حين قال جابر بن سَمُرَةَ: «مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ خَطَبَ جَالِساً فَقَدْ كَذَبَ». ومثل ذلك ما حصل من زيادة معاوية في درجات المنبر، وما كان من جعله المقصورة التي

<<  <   >  >>