للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلام صحة الكلمة ومعناها، فأي عذر للمؤلف في متابعته على هذا التحريف لا سيما وقد بنى عليه رأياً خطيراً فاسداً في إمام جليل من أئمة النُقاد في عصره؟.

حَدِيثُ «سَدِّ الأَبْوَابِ»:

ثم تكلم المؤلف في [ص ٢٦٠] أيضاًً عن أهم الأمور التي حملت الوُضَّاعَ على الوضع، وذكر من أولها الخصومة السياسية بين عَلِيٍّ وأبي بكر، وبين عَلِيٍّ ومعاوية، وبين عبد الله بن الزبير وعبد الملك، ثم بين الأُمَوِيِّينَ والعباسيين.

وهذا كلام لا غبار عليه، ثم نقل بعد ذلك كلاماً لابن أبي الحديد جاء فيه «إِنَّ أَصْلَ الكَذِبِ فِي أَحَادِيثِ الفَضَائِلِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ الشِيعَةِ (*) فَلَمَّا رَأَتْ البَكْرِيَّةُ - أَيْ مُفَضِّلُو أَبِي بَكْرٍ - مَا صَنَعَتْ الشِيعَةُ وَضَعَتْ لِصَاحِبِهَا أَحَادِيثَ فِي مُقَابَلَةِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ نَحْوَ: " لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً» فَإِنَّهُمْ وَضَعُوهُ فِي مُقَابَلَةِ " حَدِيثِ الإِخَاءِ "، وَنَحْوِ " سَدِّ الأَبْوَابِ "، فَإِنَّهُ كَانَ لِعَلِيٍّ فَقَلَبَتْهُ البَكْرِيَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ... إلخ».

لا شك أن ابن أبي الحديد معذور في عَدِّهِ هذين الحديثين من الموضوعات ما دام مُعْتَزِلِيًّا شِيعِيًّا يَتَعَصَّبُ لشيعيته (١)، ولكنا لا نرى للأستاذ


(*) [انظر في قول ابن أبي الحديد، صفحتي ٩٣ و٢٢٨].
(١) اعتبرنا «الإسكافي» و «ابن أبي الحديد» من علماء الشِيعَة، وهذا لا ينفي أنهما كانا معتزليين كما تذكره كتب التراجم، فالمعتزلة إنما تميَّزُوا عن غيرهم من جماهير المُسْلِمِينَ بمسألة العدل الإلهي. ورأيهم في أعمال الإنسان أنها مخلوقة له بقدرة من الله تعالى وبعض مسائل أخرى في العقائد. ولكنهم فيما عدا ذلك ينقسمون إلى فرق وطوائف واتجاهات علمية متباينة، فمنهم من كان يهاجم الصحابة جميعاً بما فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - كما نقلنا ذلك عن النَظَّامِ، ومنهم من كان شيعياً كالإسكافي وابن أبي الحديد وغيرهما، ومنهم بل أكثرهم كانوا في الفقه على مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ -. ومن أمثلة هذا التباين أن الشَّرِيفَ الرَضِيَّ - رَحِمَهُ اللهُ - وهو من رؤساء الطَالِبِيِّينَ في عصره كان معتزلياً في عقيدة القضاء والقدر كما لا يخفى على من طالع مؤلفاته وأبحاثه.

<<  <   >  >>