للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن نَتَحدَّاهُ أَنْ يُثْبِتَ هذا الخبر من كتاب علمي محترم إلا أن يكون من تلك الكتب الأدبية الي تروي التالف والساقط من الأخبار، أوتلك الكتب الشيعية التي عرفت ببغض أبي هريرة والافتراء عليه، وليس لهذه الكتب قيمة علمية عند من يشم رائحة العلم.

على أنه كثير الإحالة إلى الكتب التي ينقل عنها - ولو كانت نقوله مُحَرَّفَةً كما يتأكد ذلك لمن يطالع كتابه - ومع ذلك فهذا الخبر لم يسنده إلى كتاب (١) فلماذا؟

٢ - وزعم أن عمر تَهَدَّدَهُ بالنفي إلى بلاده أو إلى أرض القردة إن استمر يُحَدِّثُ عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وزعم أن ذلك منقول عن ابن عساكر وابن كثير.

أما نَهْيُ عمر عن التحديث، فلم يكن خَاصًّاً بأبي هريرة، ولم يثبت أنه هَدَّدَهُ بالنفي إلى بلاده لأن ذلك - في ذلك العصر- غير جائز، وقد حكينا صنيع عمر ورأيه في كتابة الحديث وروايته في صدر هذا الكتاب.

وأما قول عمر لأبي هريرة: «لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ القِرَدَةِ». فذلك دَسٌّ من أَبِي رَيَّةَ وعبارة ابن كثير: وقال - عمر- لكعب الأحبار: «لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ (عَنْ الأُوَلِ) أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ القِرَدَةِ» (٢) فهو تهديد من عمر لكعب الأحبار ترك الحديث عن بني إسرائيل وأخبارهم لا تهديد لأبي هريرة بترك الحديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

على أن ابن كثير بعد أن ذكر نَهْيَ عمر لأبي هريرة عن التحديث قال: «وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنْ عُمَرَ عَلَىَ أَنَّهُ خَشِيَ مِنَ الأَحَادِيْثِ التِي قَدْ تَضَعُهَا النَّاسُ عَلَىَ غَيْرِ مَوَاضِعِهَا، وَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ عَلَىَ مَا فِيهَا مِنْ أَحَادِيثِ الرُّخَصِ، وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَكْثَرَ مِنَ الحَدِيثِ رُبَّمَا وَقَعَ فِي أَحَادِيثِهِ بَعْضُ الغَلَطِ أَوِ الخَطَإِ


(١) يظهر أنه منقول عن الإسكافي كما نقله ابن أبي الحديد في "شرحه لنهج البلاغة " ١/ ٣٦٠ وكفى بهما حُجة عند أَبِي رَيَّةَ.
(٢) " البداية والنهاية ": ٨/ ١٠٨.

<<  <   >  >>