للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأربعين: أبو يوسف. وزفر بن الهذيل، وداود الطائي، وأسد بن عمرو، ويوسف بن خالد السمتي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سَنَةً.

وَبِسَنَدِهِ إِلَى أَسَدٍ أَيَضًا قَالَ: «كَانُوا يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَوَابِ المَسْأَلَةِ، فَيَأْتِي هَذَا بِجَوَابٍ وَهَذَا بِجَوَابٍ، ثُمَّ يَرْفَعُونَهُ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُونَهُ عَنْهَا فَيَأْتِي الجَوَابُ مِنْ كَثَبٍ، أَيْ: مِنْ قُرْبٍ، وَكَانُوا يُقِيمُوْنَ فِي المَسْأَلَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَكْتُبُونَهَا فِي الدِّيوَانِ».

وعن إسحاق بن إبراهيم، قال: كان أصحاب أبي حنيفة يخوضون معه في المسألة فإذا لم يحضر عافية بن يزيد قال أبو حنيفة: «لاَ تَرْفَعُوا المَسْأَلَةَ حَتَّىَ يَحْضُرَ عَافِيَةٌ»، فإذا حضر ووافقهم قال أبو حنيفة: «أَثْبِتُوهَا». وإن لم يوافقهم قال أبو حنيفة: «لاَ تُثْبِتُوهَا». اهـ.

وَقَالَ يَحْيَىَ بْنُ مَعِينٍ فِي " مَعْرِفَةِ التَّارِيْخِ وَالعِلَلِ " عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ: سُمِعْتُ زُفَرَ يَقُولُ: كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَعَنَا أَبُو يُوَسُفَ وَمُحَمَّدٌ بْنِ الحَسَنِ، فَكُنَّا نَكْتُبُ عَنْهُ، قَالَ زُفَرُ: فَقَالَ يَوْمَا أَبُوْ حَنِيْفَةَ لأَبِيْ يُوَسُفَ: «وَيْحَكَ يَا يَعْقُوْبُ لاَ تَكْتُبُ كُلَّ مَا تَسْمَعُ مِنِّي، فَإِنِّيَ قَدْ أَرَىَ الرَّأْيَ اليَوْمَ وَأَتْرُكُهُ غَدًا وَأَرَىَ الرَّأْيَ غَدًا وَأَتْرُكُهُ فِي غَدِهِ». اهـ.

ومن هنا نعلم صدق ما يقول الموفق المكي من أن أبا حنيفة وضع مذهبه شورى ولم يستبد فيه بنفسه دونهم، اجْتِهَادًا منه في الدين ومبالغة في النصيحة لله ورسوله والمؤمنين (١).

وَمِنْ هُنَا أَيْضًا تَعْلَمُ طَرَافَةَ مَا أَخْرَجَهُ الخَطِيْبُ (٢) عَنْ ابْنِ كَرَامَةَ، قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ وَكِيعٍ يَوْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: " أَخْطَأَ أَبُوْ حَنِيْفَةَ "، فَقَالَ وَكِيْعُ: " كَيْفَ يَقْدِرُ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يُخْطِيءَ، وَمَعَهُ مِثْلُ أَبِي يُوَسُفَ وَزُفَرَ فِي قِيَاسِهِمَا، وَمِثْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَحَفْصَ بْنَ غَيَاثٍ وَحِبَّانَ وَمَنْدَلَ فِيْ حَفِظَهِمْ لِلْحَدِيثِ،


(١) " حسن التقاضي ": ص ١٢.
(٢) " تاريخ بغداد ": ١٤/ ٤٧.

<<  <   >  >>