للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنك؟ إنك حاربت الحق، وَتجَنَّبْتَ الهُدَى، وأمسكت المعول ظاناً أن باستطاعتك أن تهدم صرح السُنَّةِ الشامخ الثابت الدعائم، فكنت بذلك عَدُوًّا للهِ، لأن الله هو الحق، وَعَدُوًّا لرسول الله، لأنه رسول الهدى، وسنداً لأعداء الإسلام والله ينهى عن موالاتهم ويأمر بالتنبه واليقظة لدسائسهم، ففيم نسكت عنك؟ وفيم نجاملك؟ لا والله يا عدو الله! .. بل كشفاً لضلالك وتهديماً لآمالك، وتبياناً لكذبك وفجورك، حتى يرغم الله أنفك، ويخذل شياطينك، ويرد كيدك وكيد أعداء الإسلام من مُسْتَعْمِرِينَ وَشُعُوبِيِّينَ إلى نحوركم خزايا موثَّقين بأغلال الجريمة التي تدبرونها في الظلام لهذه الأمَّة ولدينها، وكلما زدتم في الباطل عناداً، ازددنا بالحق استيثاقاً، وعليه ثباتاً، وعنه دفاعاً، غير عابئين بغيظكم وحقدكم وشتائمكم. بهذا أخذ الله منا العهد، وعلى هذا وعدنا بالجنة، ولن يرانا بعونه وتوفيقه مفرطين ولا مستسلمين {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (١). «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي - وفي رواية " وهم من أهل الشام " برغم أنف أَبِي رَيَّةَ - ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالفََهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» (٢) وصدق الله وصدق رسوله الكريم.

بقي أن أقول كلمة عن صدر الدين شرف الدين الذي احتضن كتاب أَبِي رَيَّةَ الجديد، وطبعه، وقدم له، واتهمني بأنني سأطعن أَبَا رَيَّةَ بالتشيع كما طعنته من قبل، وزعم أنه وجد فيه العالم المُحَقِّقَ الذي لا يشق له غبار، وقد عذرته في ذلك لأن له معنا قصة تَحَدَّثْتُ عنها في العدد التاسع مِنَ السَنَةِ الأولى من مجلة " حضارة الإسلام " كشفنا فيها عن متاجرته بالعصبيات المذهبية كما هو شأن أمثاله، ولأني تَحَدَّثْتُ في مقدمة كتابي


(١) [سورة آل عمران، الآية: ١٨٧].
(٢) أصل الحديث صحيح رواه " البخاري " و" مسلم " و" أحمد " وأما النص على أنها من أهل الشام فقد رواها البخاري في " تاريخه " (انظر: " تهذيب ابن عساكر " لبدران: ١/ ٥٤ وانظر أيضاً " زاد المسلم ": ٥/ ١٩٣ نقلاً عن " البخاري " أنها من قول مُعاذ بن جبل - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وانظر: " تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق للربعي " للشيخ ناصر الدين الألباني: ص ٨).

<<  <   >  >>