للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: هل حبس عمر أحداً من الصحابة لإكثاره من الحديث؟

الثاني: هل كان الصحابة يشترطون شروطاً لقبول خبر الصحابي؟

هَلْ حَبَسَ عُمَرُ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ لإِكْثَارِهِ الحَدِيثَ؟:

المشهور المتردد على بعض الألسُنَّة أن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حبس ثلاثة من كبار الصحابة لإكثارهم الحديث، وهُمْ ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو ذر، وقد حاولتُ أن أعثر على هذه الرواية في كتاب معتبر فلم أجدها، ودلائل الوضع عليها ظاهرة، فابن مسعود كان من كبار الصحابة وأقدمهم إسلاماً، وله مقام كبير في نفس عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، حتى إنه حين أرسله إلى العراق امْتَنَّ عليهم بإرساله إذ قال لهم: «ولقد آثرتكم بعبد الله على نفسي» وكان مقامه خلال خلافة عمر في العراق، وإنما أرسله إليها أهلها الدين والأحكام، ومن الأحكام ما يؤخذ من القرآن، وأكثرها أخذ من السُنّة، فكيف يحبسه عمر لتحديثه وهو إنما أرسله لهذا الغرض؟ أما أبو ذر وأبو الدرداء فلا يعلم عنهما كثير حديث. نعم كان أبو الدرداء معلم المسلمين بالشام، كما كان ابن مسعود في العراق، والغرابة في حبس عمر لابن مسعود تأتي أيضاً في أبي الدرداء، فكيف يحبسه وهو معلمهم ومُفَقِّهُهُم في دينهم؟ وهل كان عمر يريد منه ومن ابن مسعود أن يكتُما بعض الحديث فيكتُما بعض أحكام الدين عن المسلمين؟.

وأما أبو ذر فمهما نقل عنه من حديث فهو لم يبلغ جزءاً مما بلَّغه أبو هريرة، فلماذا يحبسه ولا يحبس أبا هريرة؟

ولئن قيل: إن أبا هريرة لم يكن يكثر الحديث في عهد عمر خوفا منه، قلنا: لماذا لم يَخَفْهُ أبو ذر كما خَافَهُ أبو هريرة؟

والحاصل أن الذين عرفوا بكثرة الحديث من الصحابة كابن عباس وأبي هريرة وعائشة وجابر بن عبد الله. وابن مسعود معهم، لم يرْو عن أنه تعرض لهم بشيء بل روي أنه قال لأبي هريرة حين بدأ يكثر من الحديث: «أَكُنْتَ مَعَنَا حِينَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَكَانِ كَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ

<<  <   >  >>