للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أَنْتَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ؟» قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: «لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ أَحْمَقٌ مَا تَحَقَّقْتُهُ إِلاَّ السَّاعَةَ». فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: «كَيْفَ [عَلِمْتَ أَنِّي أَحْمَقٌ؟]» قَالَ: «كَأَنْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ ابْن حَنْبَلٍ غَيْرُكُمَا. قَدْ كَتَبْتُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ!» (١).

ومن المؤسف أن هؤلاء القُصَّاصِ - على جهلهم وجرأتهم في الكذب على الله ورسوله - قد لقوا من العامة آذاناً صاغية ولقي العلماء منهم عَنَتًا كَبِيرًا حتى ليروي السيوطي في " تحذير الخواص من أكاذيب القُُصَّاصِ ": أن أحد هؤلاء القصاص جلس ببغداد، فروى تفسير قوله تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (٢) وزعم أن النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجلس مع الله على عرشه فبلغ ذلك محمد بن جرير الطبري فغضب من ذلك، وبالغ في إنكاره، وكتب على باب داره «سُبْحَانَ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنِيسٌ. وَلاَ لَهُ عَلَى عَرْشِهِ جَلِيسٌ» فثارت عليه عَوَامُّ بغداد ورجموا بيته بالحجارة حتى استد بابه بالحجارة وعلت عليه (٣)

خَامِسًا - الخِلاَفَاتُ الفِقْهِيَّةُ وَالكَلاَمِيَّةُ:

فقد نزع الجهال والفسقة من أتباع المذاهب الفقهية والكلامية إلى تأييد مذهبهم بأحاديث مكذوبة. من ذلك «مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الصَّلاَةِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ»، «المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ لِلْجُنُبِ ثَلاَثًا فَرِيضَةً»، «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الكَعْبَةِ فَجَهَرَ بِـ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ»، «مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ»، «كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَخْلُوقٌ غَيْرُ اللهِ وَالقُرْآنِ. وَسيَجِيءُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُولُونَ: القُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ العَظِيمِ وَطُلِّقَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ مِنْ سَاعَتِهَا».

سَادِسًا - الجَهْلُ بِالدِّينِ مَعَ الرَّغْبَةِ فِي الخَيْرِ:

وهو صنيع كثير من الزهاد والعُبَّاد والصالحين، فقد كانوا يحتسبون


(١) " تحذير الخواص من أكاذيب القصاص " للسيوطي.
(٢) [سورة الإسراء، الآية: ٧٩].
(٣) " الإسلام والحضارة ": ٢/ ٥٥٩.

<<  <   >  >>