للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإذا تقرر هذا النوع الأخير لتلبية الحاجة، دون إخضاعها لشرط الإمكان المالي، نستطيع مبدئياً رسم شروط الديناميكا الاقتصادية في صورة مسلمتين:

١ - لقمة العيش حق لكل فم.

٢ - العمل واجب على كل ساعد.

فالمسلمة الأولى يفرضها الاختيار لمبدأ معين يلتزمه المجتمع ويسجله في دستوره بوصفه أساساً لعقده الاجتماعي (١).

أما المسلمة الثانية فليست اختياراً بل هي ضرورة تفرضها المسلمة الأولى شرطاً لاستمرار التفاعل بين الإنتاج والاستهلاك، تفاعلاً جدلياً نستطيع صياغته في صورة منطقية إذا قلنا: إنه لا إنتاج من دون استهلاك ولا استهلاك من دون إنتاج.

ولكن هذه الصورة النظرية لترابط طرفي الديناميكا الاقتصادية لا تعني أن صورة التطبيق ستكون بسيطة.

إنه ليس يسيراً من الناحية الفنية أن نوفق بين الإنتاج والاستهلاك، على أساس المسلمتين إذا لم نستوعب الشروط النفسية والتقنية الضرورية كافة، لتحقيق عملية الانطلاق أو الإقلاع الاقتصادي ( Décollage) ، في البلاد التي تعاني منذ أمد هذا الكساد للطاقات الاجتماعية الذي يطلق عليه اليوم اسم (التخلف).

يجب أولاً على من يخطط لإطلاق هذه الطاقات الكاسدة، أن يكون مقتنعاً بضرورة إطلاقها وبإمكانه دون شروط إضافية، خارجة عن المسلمتين.


(١) (العقد الاجتماعي)، هو المصطلح الذي استعمله (جان جاك روسو) عنواناً لكتاب كان أثره كبيراً في توجيه الثورة الفرنسية.

<<  <   >  >>