للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من يضع مخططاً اقتصادياً مثل الذي وضعه لبلاده قبيل الحرب، ولكنه خطط لإندونيسيا فوضع ضمناً خطته، على قاعدة (معادلة اجتماعية) خاصة بالشعب الألماني، وأجنبية عن الشعب الإندونيسي (١). فما كان إذن لخططه أن ينجح لأنه فقد منذ لحظته الأولى شرطاً أساسياً.

والآن إذا عدنا للحديث عن مثقفينا في المجال الاقتصادي، نرى أنهم وقفوا موقف اختيار وتفضيل بين (آدم سميث) و (ماركس)، بينما كانت القضية ولا زالت قضية تطعيم ثقافي لمجتمع الإسلامي، يمكّنه من استعمال إمكانياته الذهنية والجسمية؛ وبصورة عامة تجعل كل فرد فيه ينشط على أساس (معادلة اجتماعية) تؤهّله لإنجاح أي مخطط اقتصادي.

أو بعبارة أخرى فالديناميكية الاقتصادية ليست هي هذه النظرية أو تلك الخاصة بعلم الاقتصاد، بل هي مرتبطة بجوهر اجتماعي عام قد نجده، على حد سواء، في تجربة اليابان الرأسمالية أو تجربة الصين الشيوعية بعد ١٩٤٩، خصوصاً بعد أن عدلت ثورتها الثقافية بين ١٩٦٦ - ١٩٦٨، (المعادلة الاجتماعية) في الفرد الصيني ذاته.

ثم إذا عدنا مرة أخرى إلى موقف مثقفينا من القضية الاقتصادية نراهم يصنَّفون صنفين، لا على أساس فني بل على أساس أخلاقي، صنف لا يبالي بعقيدته في انحيازه لنظرية اقتصادية معينة، ويلقَّب أو يلقب نفسه بالتقدمي لأنه يدعي الماركسية، وصنف ينحاز مبدئياً إلى الليبرالية لأنه يتجنب المادية والإلحاد بحافز إسلامه.

فهذا الصنف الأخير هو الذي يهمنا بالذات، لا لأنه مسلم فحسب، بل لأنه كان أخصب من الصنف الأول في الدراسات الاقتصادية، كما يدل على ذلك عدد


(١) سنبين في أحد الفصول أثناء الدراسة ما نعني بالمعادلة الاجتماعية.

<<  <   >  >>