للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القياس]

القياس في اللغة: التقدير والمساواة، وفي الاصطلاح: إلحاق فرع بأصل في الحكم للمساواة في العلة أو الاشتراك في العلة، مثل: النبيذ، أما البيرة فهل حرمت لأنها سائل أصفر؟ حرمت لإذهاب العقل بنشوة؛ لأن الخمر ما خامر العقل بنشوة، ترى الرجل يمشي عرياناً وهو يظن نفسه أحسن الناس وهو أصغر الناس، ويرى أنه في السماء يطير، فنقول: هو مخامرة العقل بنشوة، فالعلة في التحريم الإسكار، والبيرة تفعل ما يفعله الخمر من إسكار.

إذاً: إلحاق فرع البيرة بأصل الخمر كالتالي: للمساواة في العلة وهي الإسكار، وحكم الخمر الحرمة، إذاً: البيرة حرام.

هذا معنى إلحاق فرع بأصل مع المساواة للاشتراك في العلة.

اختلف العلماء في حجية القياس على أقوال: منهم من وقف، ومنهم من قال يؤخذ به، وأصحاب القول الأول هم جماهير أهل العلم على أن القياس حجة شرعية يعتبر بها، ويتعبد بها لله جل في علاه، فإذا قلنا: هذا حرام بالقياس يحرم، وإذا قلنا: هذا حلال بالقياس فالقياس حجة شرعية، سواء كان في المؤخرة أو المقدمة.

وأما ابن حزم فهو ممن رفع راية إنكار القياس، وقال: القياس ليس بحجة شرعية، فما الدليل على حجية القياس؟ من الأدلة قول الله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:١٠٤].

أيضاً: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر:٢]، وجه الدلالة في الآية هو إلحاق النظير بالنظير؛ لأن القاعدة في الشرع: لا يفرق بين المتماثلين، لكن يفرق بين المختلفين.

كذلك: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت:٣٩].

ومن السنة: إقرار النبي على القياس، وإن كانت سنة تقريرية وفي المرتبة الثالثة لكنها صحيحة؛ لأن عماراً قاس وكان القياس قياس فاسد الاعتبار وأين وجه الدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عمار، وقال له: لم تقيس، أنت لا بد تأتي بدليل فقط، فلم ينكر عليه القياس نفسه.

كذلك قوله: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في حلال)، وهذا قياس من النبي اسمه قياس العكس.

كذلك قوله: (إنما ذلك عرق)، وقوله: (إنما مثلي ومثلكم كالنذير العريان).

أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، فقال: فدين الله أحق أن يقضي)، كل هذه أدلة على القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>