للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الراجح وأدلته]

المفهوم حجة، وتقدم أن الأدلة الكثيرة فهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، كقوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة:٨٠]، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها: (سأزيد عن السبعين)، فوجه الدلالة التي استدل بها النبي صلى الله عليه وسلم لنبين أنه فهم قول الله بمفهوم المخالفة: إذ أن في الآية مفهوم العدد والمعنى: لا تستغفر السبعين, فمفهوم العدد: أنه لو استغفر أكثر من سبعين فقد يغفر الله لهم.

ومن الأدلة أيضاً: فهم الصحابة رضي الله عنهم، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك عند قوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:١٠١].

ومن الأدلة على حجية مفهوم المخالفة: أخذ أئمة اللغة كـ ابن سلام به، والشافعي كذلك وهو من أئمة اللغة، وقد قال بمفهوم المخالفة.

والدليل حديث: (إنما الماء من الماء) أي: لا يمكن الاغتسال إلا بالإنزال, فإذا لم يكن الإنزال فلا اغتسال فقلنا لهم: المفهوم حجة وبينا ذلك.

إذا علم أن الراجح هو قول الجمهور، وهو أنه لا يجوز أن يتزوج بالأمة الكتابية بدليل مفهوم المخالفة من قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:٢٥] فليعلم كذلك أنه يخصص عموم قوله تعالى: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:٣] وكأن مراد الله: فانكحوا ما طاب لكم من النساء الحرائر سواء كن كتابيات أو مؤمنات مسلمات، والإماء خاصة المسلمات دون الكتابيات , إذ أن مفهوم المخالفة من قوله: فتياتكم المؤمنات، هو أن الفتيات غير المؤمنات لا يجوز لكم النكاح منهن.

إذاً: فمفهوم المخالفة هذا يخصص عموم قول الله تعالى: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فهو عام مخصوص، والمراد به الحرائر المسلمات والحرائر الكتابيات والإماء المسلمات خاصة دون الإماء الكتابيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>