للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقدمة المؤلف]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ - حدّثني «١» الفقيه المقرئ أبو داود، قال: حدّثني شيخنا أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمر الفقيه المقرئ اللغوي الأموي مولى لهم، المعروف بابن الصّيرفي، قراءة مني عليه في منزله بمدينة دانية من كتابي، وهو يمسك أصله، في ربيع الآخر سنة أربعين وأربع مائة «٢». قلت له: قلتم رضي الله عنكم:

٢ - الحمد لله بارئ الأنام بحكمته وفاطر السماوات والأرض بقدرته الأوّل بلا عديل، والآخر بلا مثيل، والواحد بلا نظير، والقاهر بلا ظهير، ذي العظمة والملكوت،

والعزّة والجبروت، الذي لا يئوده حفظ ما ابتدأ ولا تدبير ما برأ، جلّ عن تحديد الصفات، فلا يرام بالتدبير. وخفي عن الأوهام، فلا يقاس بالتفكير. لا تتصرّف به الأحوال ولا تضرب له الأمثال، له المثل الأعلى والأسماء الحسنى.

٣ - أحمده حمد من شكر نعماه، ورضي في الأمور كلها قضاه، وأومن به إيمان من أخلص عبادته واستشعر طاعته، وأتوكل عليه توكّل من وثق به وفوّض إليه.

٤ - وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، شهادة من اعترف له بالوحدانية، وأقرّ له بالصّمدانية «٣»، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى، ورسوله المرتضى بعثه بالدين القيّم، والبرهان البيّن بكتاب عزيز كريم معجز التأليف والنظام، بائن عن جميع الكلام خارج عن تحبير «٤» المخلوقين، تنزيل من ربّ العالمين، فرض فيه الفرائض، وأوضح فيه الشرائع، وأحلّ وحرّم، وأدّب وعلّم، وأنزله بأيسر الوجوه، وأفصح اللغات، وأذن فيه بتغاير الألفاظ، واختلاف القراءات، وجعله مهيمنا على كل


(١) كتب ناسخ" ت" في أعلى الصفحة: هذا كتاب جامع البيان لأبي عمرو الداني في القراءات السبع.
(٢) أي قبل وفاة المؤلف بأربع سنين، مما يعطي هذه الرواية للكتاب أهمية كبيرة؛ لتأخرها.
(٣) الصمدانية: من الصمد بالتحريك وهو السيد المطاع الذي لا يقضى دونه أمر، وقيل الذي يصمد إليه في الحوائج، أي يقصد انظر لسان العرب لابن منظور ٤/ ٢٤٦.
(٤) التحبير: التحسين، قال في اللسان (٥/ ٢٢٩): حبرت الشيء تحبيرا، إذا حسنته.

<<  <  ج: ص:  >  >>