للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكي يتاح لها أن تحدث تأثيراً أكثر، فإن من الواجب أن تعاد صياغة فكرتها في مصطلحات (البقاء) كي تعبر عن اهتمام بالمشكلات العضوية للإنسان نفسه، وبمشكلة توجيهه في عالم تفرض عليه (القوة) فيه قانونها الصارم.

فقد كان على الكتلة العربية الآسيوية إذن أن تجتاز تحولاً عميقاً، وأن تتعرض لتغير في جوهرها لكي تصبح نواة حضارة، ومنبع تيار تاريخي، يحمل مصير الإنسان الذي يعيش على محور طنجة - جاكرتا.

ونحن ندرك زيادة على ذلك، كم تتوافق هذه النتائج النظرية مع واقع هذا الإنسان، ذلك الواقع الذي ربما انكشف للزائر السماوي كما بينا. إن الذين وضعوا مؤتمر كولومبو لم يذكروا فيه هذه الاعتبارات النظرية، فقد اقتصر البيان على موضوعات المؤتمر فحسب، ولكنهم حين وضعوا مبدأ مؤتمر أفرسيوي، قد حققوا ضمناً تحول الكتلة العربية الآسيوية الضروري إلى تيار مثقل بالتاريخ وبالمصائر، وبهذا تحمل القادة الذين اتخذوا هذا القرار أخطر المسؤوليات، لأن قرارهم قد غيَّر تغييراً أسياسياً عناصر مشكلتين رئيسيتين، حين صاغ أولاً مشكلات الشعوب الأفرسيوية بلغة (الحضارة)، لا بلغة (السياسة)، وحين ترجم ثانياً الحالة العالمية بصورة غير مباشرة بلغة (البقاء)، لا بلغة (القوة).

***

<<  <   >  >>