للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخوني وهي الوظيفة التي كان بها أبوه من قبل «١».

وفي العام التالي (شعبان ٨٧٧ هـ)، تولى السيوطي تدريس الحديث بالخانقاه الشيخونية بعد وفاة الفخر المقسي «٢»، وقد أعانه في الوصول إلى هذه الوظيفة.

الأمير إينال الأشقر «٣». كما تولى السيوطي إلى جانب ذلك وظيفة أخرى هي مشيخة التصوف بتربة برقوق نائب الشام بالقرافة، وقد ساعده في توليها أبو الطيب السيوطي «٤»، وبقي السيوطي يجمع هذه الوظائف في يده حتى ناهز الأربعين من عمره.

وتبدأ مرحلة ثالثة من حياة السيوطي حين بلغ الأربعين من عمره يلاحظ عليه فيها ميله إلى الهدوء وزهده في الدنيا، وقد حاول في بداية هذه المرحلة أن يعتكف وينقطع إلى الله تعالى، فترك وظائفه السابقة بيد أن اعتزاله التام لم يدم سوى بضعة شهور انتقل بعدها إلى وظيفة أكبر شأنا مما كان تحت يده وهي مشيخة الخانقاه البيبرسية وذلك في ربيع الآخر عام ٨٩١ هـ بعد وفاة الجلال البكري، وقد ساعده في الوصول إلى منصبه الأخير صديقه الخليفة المتوكل على الله عبد العزيز «٥».

وبالرغم من أن مشيخة البيبرسية كانت أعظم الوظائف التي تولاها السيوطي وأكبرها أجرا فإنه كان يميل آنذاك إلى الزهد، وكان يتجه بحياته نحو الاعتكاف


(١) الضوء اللامع ج ٤ ص ٦٦.
(٢) بدائع الزهور ج ٢ ص ١٤٢.
(٣) الضوء اللامع ج ٤ ص ٦٧، اينال الأشقر أحد أمراء المماليك، ترجم له السخاوي وذمه كثيرا حتى قال فيه «مات غير مأسوف عليه فقد كنت أشهد في وجهه المقت وكان من سيئات الدهر»، الضوء اللامع ج ٢ ص ٣٣٠، انظر بدائع الزهور ج ٢ ص ٥٩.
(٤) الضوء اللامع ج ٤ ص ٦٧، كان أبو الطيب السيوطي (٨٢٨ هـ- ٨٩٣ هـ) من أعيان موقعي الحكم وكان عالما فاضلا وجيها عند الأمراء وأرباب الدولة، ترجم له السخاوي (ج ١١ ص ١١٨) وذكر أنه كان يقصد السلطان والأمراء لقضاء حاجات الناس وكان يميل إلى الاحسان.
(٥) بدائع الزهور ج ٢ ص ٢٣٦.

<<  <   >  >>