للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتصال دائم بحاجات الناس ومشكلاتهم وما يجد من مستحدثات يطلبون فيها حكم الله فيعمل الفقيه عقله واستنباطه فيما عنده من نقول ويجتهد لينقل حكما يناسب ما جدّ من حادثات، أو يستنبط هذا الحكم، وحياته بالرغم من كونه فقيها متأخرا كانت مثالا لما نقول، فطالما استفتى في كثير من المسائل التي فتش عن إجاباتها ونقلها، أو استنبطها مما لديه من نقول وأدلة.

وبالرغم مما وصل إليه من درجة عالية في الفقه أهلته للاجتهاد المطلق كالأئمة المجتهدين فإنه كان في اجتهاده- كما قال- مجتهدا مطلقا منتسبا أي أنه لم يخرج في غالب اجتهاده عن مذهب الامام الشافعي، وقد دافع عن فكرة الاجتهاد وبين أن كل عصر لا ينبغي أن يخلو من مجتهد، وهذا اتجاه نحمده له، فهو يدل على عقليته المتحررة التي ثارت على بعض ما بعصره من جمود.

ولا يعنينا هنا التعرض لفتاوى السيوطي فهي من الكثرة بمكان، ولا يعنينا التعرض لمصنفاته الفقهية وجهوده فيها، وإنما نكتفي مما ذكرناه بأن نستدل على أن عقليته قد صبغها الفقه بصبغته وأثر فيها تأثيرا كبيرا، والفقه يستلزم من صاحبه إعمال عقله فيما لديه من نقول، ونقد النقول وفهمها الفهم الجيد، ثم تطبيقها العملي على الحوادث.

وتأثر السيوطي بالفقه ودراساته، وإقباله على ما كتب فقهاء عصره، وما تركه السلف من كتب سنرى أثره عند الحديث عن الجانب اللغوي عنده حين يدرس مسائل العربية على غرار دراسة الفقهاء للفقه.

وجدير بالذكر أن نذكر اهتمامه بعلم أصول الفقه الذي سيطبق منهجه على اللغة حين يحاول إنشاء علم يسمى بعلم أصول النحو، وحسبنا هذا القدر في الحديث عنه فقيها لأنا لا نبغي سوى تبين ثقافاته المتنوعة وجوانب عقليته والمؤثرات فيها لكونها أصولا ترفد منهجه في التفكير وتعين على تحديده.

[السيوطي والأدب:]

جدير بنا في ختام الحديث عن عقله ومنهجه في التفكير أن نتناول لغته في التعبير، ويقتضي ذلك منا أن ننظر في إنتاجه الأدبي، إذ تعيننا كتاباته جميعها على

<<  <   >  >>