للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البخاري، وبعد سرد جميع هذه الألفاظ التي ثبتت رواية تفسيرها عن ابن عباس تحدث السيوطي عن الاحتجاج لغريب القرآن بالشعر ونبه إلى أن ذلك كثير غير منكر، وأن ابن عباس قد أمر به، ثم نقل عن ابن عباس مسائل نافع بن الأزرق.

ويتمثل جهد السيوطي في جمع هذه المسائل من مختلف المظان وتمحيصها وإيرادها في كتابه بتمامها، وهذه المسائل تتناول أسئلة عن ألفاظ غريبة في القرآن وبيان تفسيرها والاستدلال عليها بما روى عن العرب من الشعر، وقد استغرقت صفحات طوالا، والحق أنها ذات قيمة جليلة في بيان كثير من ألفاظ القرآن الكريم.

ويتضح من عرض السيوطي لهذا الموضوع تأكيد ما قلناه عن منهجه النقلي في التأليف الذي يتمثل في الاشارة إلى المؤلفات السابقة وجمع الأقوال المتنوعة، واستقصاء الموضوع استقصاء تاما، ثم إن منهجه الحديثي النقلي يتضح في تمحيصه للروايات وايراده ما ثبت عن ابن عباس من تفسير هذه الألفاظ الغريبة، وتتضح لديه القدرة على الجمع والتنسيق.

وحين تناول ما وقع في القرآن بغير لغة الحجاز «١»، نقل كثيرا من الألفاظ التي وردت في القرآن ونسبت إلى لهجات القبائل المختلفة متبعا نفس منهجه النقلي، وقد أورد عددا كبيرا من هذه الكلمات، بيد أن هذا المنهج وإن ظهرت مزاياه في جمع أطراف الموضوع فإنه كان له بعض العيوب المتمثلة في قلة التمحيص أو قلة العناية بالمتون نفسها فقد نقل نسبة بعض الألفاظ إلى لهجات بعض قبائل العرب، وكان قد نقل من قبل نسبتها إلى لغات غير العربية، كالسريانية والعبرية وغيرها، وبرغم ذلك لم يبد أية ملاحظة، اكتفاء منه بأن يقف موقف الناقل الأمين دون أن يذكر شيئا وكأن مهمته تنحصر في النقل والاحاطة والجمع وحسب، فهو ينقل أن كلمة «ربيون» معناها رجال بلغة حضرموت «٢»، بينما ذكر


(١) الاتقان ج ١ ص ١٣٤ - ١٣٦.
(٢) المصدر السابق ج ١ ص ١٣٦.

<<  <   >  >>