للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبدو أن السيوطي من اللغويين الذين يؤيدون وقوع الترادف في اللغة، وإن لم يعبر صراحة عن رأيه في منظومته فإن تسميته لما أورده «بأسماء الكلب» تدل على ما نذهب إليه لأنه لو كان من مانعي الترادف لأطلق عليه اسما واحدا واعتبر الباقي صفات، والجدير بالذكر أنه قد عرض للترادف بالتفصيل في كتابه المزهر، بيد أني لا أكاد أقف له على رأي صريح ينسبه إلى نفسه نستطيع أن نحدد به موقفه من الترادف في صراحة ووضوح.

وقد بدأ مبحث الترادف بتعريفه نقلا عن الرازي بأنه «الألفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد» «١»، ثم تحدث عن إنكار الترادف ومن ذهب إلى أن كل ما يظن من المترادفات فهو من المتباينات التي تتباين بالصفات كما في الانسان والبشر فالأول موضوع له باعتبار النسيان أو باعتبار المؤانسة، والآخر باعتبار أنه بادي البشرة «٢»، وممن أنكر الترادف في اللغة ابن فارس وقد أشار إليه السيوطي ونقل عنه ذلك، كما أنكره الفارسي، وقد لخص السيوطي أقوال الأصوليين في الترادف، ثم اختتم مبحثه بالاشارة إلى المؤلفات التي وضعت فيه ومن تناوله بالتأليف وأهمهم الفيروزآبادي الذي ألف كتابا سماه «الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف»، وابن خالويه من قبل الذي ألف في أسماء الأسد وأسماء الحية، ثم أورد أمثلة للمترادف فأورد أسماء العسل نقلا عن الفيروزآبادي وغيره «٣»، ثم مثل لأسماء السيف وغير ذلك من الأمثلة.

ومن ثم فإن السيوطي من الذين يقولون بوقوع الترادف في اللغة برغم أنه لم يوضح مذهبه بقول صريح وإنما تناول الموضوع بمنهجه المعتاد، فبعض اللغويين يقول بالترادف مطلقا ويجعل ما قيل في أسماء السيف من المهنّد والحسام والقضيب والمشرفي وغيرها من المترادفات، وآخرون ينكرون الترادف ويرون أن للسيف اسما واحدا وجميع ما عدا ذلك صفات، ويتوسط قوم بين الفريقين فيقولون بالترادف مع وجود الصفات، وذلك لاختلاف الوضع اللغوي بين


(١) المزهر ج ١ ص ٤٠٢.
(٢) المصدر السابق ج ١ ص ٤٠٣.
(٣) المزهر ج ١ ص ٤٠٧ - ٤٠٨.

<<  <   >  >>