للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسانيد عديدة، منها ما يعنى باتصال السند ويتفرع عن ذلك المرسل والمجهول والمنقطع، أو ما يعنى بالترجيح بين الروايات وبيان عددها ويتفرع عن ذلك المتواتر والآحاد والأفراد، أو ما يعنى بكيفية الرواية وهو ما يعرف بطرق الأخذ والتحمل ويتفرع عن هذه بعض البحوث الأخرى.

والواقع أن البحث في الأسانيد قد حظي لدى المحدّثين بعناية بالغة، وعرفت مصطلحات متنوعة لكل قسم من الأقسام منذ وقت مبكر بحيث قسموا الحديث باعتبار الاسناد إلى صحيح وحسن وضعيف، وقسموا الأسانيد باعتبار اتصالها إلى متصل ومرفوع وموقوف ومقطوع ومنقطع ومرسل ومعضل، وباعتبار مقارنة الأحاديث بعضها ببعض نجد الشاذ والمنكر إلى غير ذلك، ثم هناك البحث في طرق الأخذ والتحمل وصيغها، وبيان من تقبل روايته ومن ترد وغير ذلك من المصطلحات.

أما في اللغة فإن الأمر لم يكن يتجاوز عرفا بين اللغويين غير مكتوب، وليس ذلك بغريب فقد وضعت أصول الفقه بعد ظهور أئمة الفقهاء وكان منهجهم عرفا يحرصون عليه وهو عرف غير مكتوب، وكذلك وضعت أصول رواية الحديث بعد فترة غير قليلة ظهر فيها كثير من أئمة الرواة الذين حرصوا على آداب خاصة في الرواية والتزموا منهجا محددا وإن لم يكن مكتوبا، واستطاع واضعو الأصول بعد ذلك أن يستخلصوا من أقوالهم وأفعالهم منهجا محددا انتهى به الأمر إلى أن أصبح مصطلحات دقيقة محددة المعالم، وطريقا بينا واضحا، وكذلك الأمر في الرواية اللغوية، كانت أصولها عرفا لدى أئمة اللغة لم يعمد أحدهم إلى بحثها ووضعها في قواعد محددة، وإنما هي أصول راعوها في التطبيق إلى حد كبير بحيث يمكن أن تستخرج الأطر النظرية من واقع مسلكهم العملي، ذلك أن القدماء بصفة عامّة تقلّ عنايتهم بالتنظير، ولذا كانت البحوث النظرية عن الرواية اللغوية ونقدها لديهم قليلة، وقد بينت من قبل ما كان لديهم فيما يتصل بالرواة قبل السيوطي، وفيما يخص الأسانيد وبحثها لا نجد إلا بعض ملاحظات متناثرة لدى ابن فارس وأخرى لدى ابن جني ولا نجد من عني بها عناية فعلية غير ابن الأنباري الذي بحث اتصال الاسناد فعقد فصلا تحدث فيه

<<  <   >  >>