للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفصلون في المنازعات القائمة بين العسكر والمدنيين «١».

وقد كان للقضاة دور هام في المجتمع، باعتبار المسئوليات الكبيرة الملقاة على عواتقهم ونظرا لتنوع القضايا التي ينظرونها ويفصلون فيها، فضلا عن اضطلاعهم بشئون الوصايا والأحباس وشئون اليتامى والتدريس بالمدارس «٢».

وكان لكل قاض عدد من النواب الذين يعينونه في القضاء، كما كان لكل منهم عدد معين من الشهود الذين يتعرفون أحوال الناس ويشهدون في القضايا ولهم حوانيت معلومة «٣»، وكثيرا ما تعرض النواب والشهود لنقد مرير من الناس نتيجة لتصرفاتهم المشينة في بعض الأحيان، بل إن النقد قد تجاوز هؤلاء إلى القضاة أنفسهم لإهمالهم في شئون الأوقاف والمدارس التي يلون نظارتها «٤».

وقد تعود السلاطين أنفسهم أن يعقدوا جلسات للنظر في المظالم التي تعرض عليهم، وكان مجلس السلطان يحضره قضاة القضاة الأربعة وعدد كبير من كبار رجال الدولة وكانت هيئة جلوسهم تتم وفق «بروتوكول» معروف دقيق «٥»، وغالبا ما كانت هذه الجلسات تعقد يومين من كل أسبوع.

وقد اقتصر جلوس السلاطين على مدد قصيرة- بمرور الزمن- ويبدو أنه كان من حق أي إنسان أن يتقدم بشكايته إلى السلطان مهما كان موضوع الشكوى، حتى أبطل ذلك قايتباي وأمر بألا يتقدم أحد إلى السلطان إلا بعد أن يرفع أمره إلى القضاة، فإذا لم ينصفوه فإن من حقه رفع الأمر إلى السلطان «٦».

على أنه كانت هناك وظيفة قريبة الصلة بالقضاء هي الحسبة، وكان يحدث أن تسند الحسبة والقضاء إلى شخص واحد، وكان عمل المحتسب يقوم على


(١) المصدر السابق ص ٣٦٦.
(٢) نفس المصدر ص ٣٦٧.
(٣) د. سعيد عاشور: المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك ص ١٥٨.
(٤) المصدر السابق ص ١٥٩.
(٥) السيوطي: حسن المحاضرة ج ٢ ص ١٠٩، ١١٠.
(٦) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ١٢٩.

<<  <   >  >>