للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في «المطالع السعيدة»، وقد نص هنا أيضا على ما ذكره هناك من أنه حذا في هذا الترتيب حذو كتب الأصول، وفي جعله سبعة أقسام مناسبة لطيفة مأخوذة من حديث ابن حبان «إن الله وتر يحب الوتر ... الحديث» «١».

وقد درج في كتابه على أن يورد نص متنه منبها عليه بأنه الأصل ثم يتناوله بالشرح، أي أنه يفصل بين المتن والشرح، واستمر على ذلك إلى بداية الكتاب الثالث في المجرورات «٢»، فعدل عن هذه الطريقة إلى طريقة المزج وقد نبه على ذلك بما يوضح طريقة شرحه في سائر الكتاب بقوله: «واعلم أني لما شرعت في شرحه كنت بدأت أولا بشرح النصف الثاني فكتبت من أول الكتاب الثالث إلى أثناء جمع التكسير على طريقة المزج، ثم بدا لي أن أغير الأسلوب، فشرحت من أوله على النمط المتقدم، وكان في نيتي الاستمرار على هذه الطريقة إلى آخر الكتاب، والغاء القطعة التي كتبتها أولا ممزوجة، ثم لما ضاق الزمن عن ذلك أبقيت كل قطعة على حكمها، وضممت هذه القطعة إلى تلك ووصلت بينهما، ولا يضر كون الشرح على أسلوبين نصفه بلا مزج، ونصفه ممزوج، ونعود هناك إن شاء الله إلى تكملة بقية الكتاب من جمع التكسير إلى آخره على طريقة أوله» «٣».

وهذا الكتاب يمثل بحق نهاية التدرج في التأليف النحوي، فهو يعد مجسما لعلم النحو بما آل إليه أمره في البيئة المصرية في أواخر عهد ازدهارها ونشاطها، وقد احتوى جهود السابقين وأفاد من تجاربهم ودرسهم، وعرض به صاحبه محصلة الدرس النحوي بمدارسه السابقة ونحاته المتعددين عرضا متأثرا بالبيئة التي نشأ فيها، وبما آل إليه أمر الدرس النحوي فيها، وبطبيعة هذه البيئة وخصائصها، وما تفرضه من الوضوح والبسط وحسن التنسيق في التأليف وما تؤديه بوصفها وارثة علوم الأجيال السالفة، قائمة على حفظها وتمثلها وحسن تعهدها.


(١) همع الهوامع ج ١ ص ٣.
(٢) المصدر السابق ج ٢ ص ١٩.
(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ١٩.

<<  <   >  >>