للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بانتهاء مدة الاقطاع أو بسبب وفاة المقطع أو عزله أو إخلاله ببعض الشروط، وقد كان لهذه الطائفة مكانة كبيرة في المجتمع، وتمتع أمراؤهم بنفوذ عظيم في البلاد، بل كثيرا ما كان بعضهم يطغى نفوذه على نفوذ السلطان وكثيرا ما نجد بعضهم يتصرفون في حكم البلاد وجباية الأموال لأنفسهم في حرية مطلقة كالسلطان سواء بسواء.

ولم يحاول المماليك الزواج من أهل البلاد والاختلاط بهم بل غالبا ما كانوا يختارون أزواجهم وجواريهم من بنات جنسهم اللائي جلبن معهم «١»، ولم يحدث الخروج على هذا العرف إلا في حالات قليلة.

على أن أسس تربية المماليك واعدادهم التي روعي فيها اختيار السبل التي تضمن طاعتهم وولاءهم وتخلقهم بالآداب الحسنة وتمسكهم بالدين لم تلبث أن تطرق إليها الخلل في جوانب عديدة كان لها أثرها في فقد المماليك روح النظام والطاعة، واتضح ذلك جليا في الفترة التي نهتم بها وهي آخر عصر المماليك، ففضلا عن الثورات والفتن السياسية وما فيها نجد لهم حركات افسادية تهدف إلى النهب والسلب أو الحصول على نفقة من الدولة أو تعجلا لنفقة متأخرة أو ما شابه ذلك، وهناك عديد من الأمثلة التي ذكرها ابن اياس المؤرخ المعاصر لهذه الفترة، فمن ذلك ثورة المماليك الجلبان في عام ٨٧٨ هـ حيث هاجموا بولاق ونهبوا ما فيها وقصدوا «شونة» الأمبريشبك الدوادار ونهبوها، وقد استمرت الفتنة أياما هرب خلالها بعض الأمراء خوفا على أنفسهم من النهب «٢»، وتكرر حادث مشابه في العام التالي «٣»، ثم نجد فتنة تثور بين بعضهم وبين بعض حتى يقع القتال في صفوفهم «٤»، واضطراب آخر يحاول فيه المماليك قتل مقدمهم «٥» «٦»،


(١) المصدر السابق ص ٢٣.
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ١٤٩.
(٣) المصدر السابق ج ٢ ص ١٥١.
(٤) المصدر السابق ج ٢ ص ١٨٣.
(٥) المصدر السابق ج ٢ ص ٣١٤.
(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٢١٥.

<<  <   >  >>