للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من بحث المتأخرين الذين ورثوا علم النحو بعد أن نضج وكاد يحترق.

ويمكننا أن نجمل ما امتازت به المدرسة البصرية التي وضع أوائلها النحو واستمرت جهودها متضافرة حقبة من الزمن حتى أواخر القرن الثالث الهجري فيما يأتي:

١ - التثبت في المادة اللغوية التي يحتج بها، وتحديد القبائل، فليس كل ما يروى يصح الاستشهاد به، وقد أنكروا على الكوفيين اعتمادهم على الأعراب المقيمين في سواد الكوفة وهجاهم اليزيدي البصري منكرا عليهم ما يحتجون به «١».

٢ - يقيم البصريون أقيستهم على الكثير الشائع عن العرب، ويغفلون القليل والشاذ، ومن ثم وصفوا بأنهم «أصح قياسا لأنهم لا يلتفتون إلى كل مسموع ولا يقيسون على الشاذ» «٢».

٣ - أنهم لا يعولون على قياس التمثيل وهو القياس عند انعدام الشاهد أي انعدام المنقول وذلك بقياس باب على باب آخر الا فيما ندر.

فمذهب البصريين يتسم بالتنظيم ومحاولة تعميم الأقيسة وطردها، وهو كذلك يمثل مذهب اللغويين المتشددين الذين لا يبيحون القياس إلا على ما ورد بكثرة ويمنعون القياس على الأمثلة القليلة، ويقفون فيما ورد منها على السماع، وتمثل العقلية البصرية العقلية العلمية الصحيحة التي تحاول وضع القوانين المطردة، ونجد لديها القدرة على

التعميم والتعريف ووضع القواعد والمصطلحات العلمية، وهذا هو السر في سيطرة النحو البصري على المدارس النحوية التالية:

فإذا ما اتجهنا نحو بيئة الكوفة ومذهبها رأينا نظرة أخرى في اللغة وأساليبها، فأهم خصائصهم:

١ - أنهم أقل تثبتا وتشددا في قبول المادة اللغوية التي تتخذ مصدرا للقياس،


(١) ابن الأنباري: نزهة الألباء ص ٥٥.
(٢) الاقتراح ص ٨٤.

<<  <   >  >>