للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الفترة نلحظ لديها العناية التامة بالتنسيق والتنظيم، ولا ينفي ذلك درايتها التامة بالنواحي العلمية والموضوعية، وما أسهمت به في تدرج حياة العلوم المختلفة.

وقد ظهرت العناية بالناحية الشكلية في الأدب بصورة جلية في حرص الشعراء والكتاب على البديع وإسرافهم في استخدام المحسنات اللفظية على حساب المعنى في كثير من الأحيان، وقد نبهت على أساليب التعبير في الشعر والنثر، والأنواع الأدبية النثرية التي وجدت أمثلة لها في انتاج السيوطي العلمي والأدبي فهو صورة لهذا العصر تشرب بثقافته، وامتزجت نفسه بروحه، فتأثر به بطريقة ما ثم أثر فيه.

وقد تناولت حياة السيوطي بالدراسة، وكان قصدي تحديد المراحل المتميزة في حياته، وهي أربع مراحل تبدأ الأولى بولادته وتستمر فترة حفظه القرآن ودراسته بعض المختصرات والكتب المتعارف عليها في البيئة المصرية آنذاك في الفقه والنحو وغيرهما ثم تلقيه بعض العلوم وتنتهي بحصوله على إجازة بتدريس العربية حين كان في السابعة عشرة من عمره، والثانية تبدأ منذ ذلك الحين الذي أمكنه فيه أن يتخذ طريقه في الحياة العملية مع استمراره في الطلب والدرس إلى حين بلوغه السابعة والعشرين وحصوله على إجازة بالتدريس والافتاء وتصديره، ومنذ ذلك التاريخ تألق نجم السيوطي بالحياة العامة بالقاهرة، وتميزت حياته العلمية والعملية بحركة غير عادية ونشاط واسع، وقد تولى خلالها عددا من الوظائف، وفي المرحلة الثالثة يتجه الرجل إلى الهدوء وحب العزلة مع عكوف على البحث والانتاج، وعدم انقطاع عن المشاركة في الحياة العامة، وتتمثل هذه الفترة في المدة التي قضاها شيخا للبيبرسية كبرى الخوانق في عصره، والمرحلة الأخيرة في حياته تتسم بالعزلة التامة والانقطاع إلى العبادة والتأليف وتبدأ من عام (٩٠٦ هـ) وتستمر خمسة أعوام إلى أن وافاه أجله، وقد نبهت في عرضي لمراحل حياته وتحديدها على بعض الأوهام التي

وقعت للمترجمين له من القدماء والمحدثين.

وقد ألقيت الضوء على صلته بالمجتمع ومكانه فيه لما وجدت له من آثار

<<  <   >  >>