للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمكاريين والمعدمين الذين يعبر عنهم في الكتب المعاصرة لهم بالعوام والزعر والحرافيش والمشاعلية، وقد لقى أبناء هذه الفئة ضيقا وعسرا في الحياة إذا ما قورنوا بغيرهم من الطبقات المنعمة حتى لاحظ بعض الرحالة الأجانب الذين زاروا مصر في ذلك الحين أن بالقاهرة عددا كبيرا يعيشون بلا مأوى في الليل والنهار سوى الطرقات وأجسادهم شبه عارية، وتفاوتوا في تقدير ذلك العدد بين خمسين ألفا ومائة ألف «١» وكان كثير من هؤلاء لا يجدون إلا ما يجود لهم به بعض السلاطين والأمراء وذوي الأموال من الصدقات مما دفع بكثيرين منهم إلى أن يمدوا أيديهم بالسؤال وأن يجعلوا منه حرفة لهم، وقد دفعهم حالهم السيئ إلى احتراف السلب والنهب وتحين

الفرص للحصول على أكبر قدر من الغنائم لا سيما في أيام الفتن والاضطرابات «٢».

أهل الذمة: «٣»

كان أهل الذمة يكونون أقلية كبيرة في ذلك الحين، وقد قدر عددهم في القاهرة وحدها بعشرين ألفا نصفهم من اليهود والنصف الآخر من النصارى.

ويبدو أن ثروة مصر واتساع تجارتها في ذلك العهد قد اجتذبت كثيرين منهم من البلاد الأجنبية فاستوطنوا المدن المصرية، وحظى كثيرون منهم بثراء واسع جعلهم أيضا مطمع السلاطين إذ كانوا يصادرون طوائفهم حين احتياجهم إلى الأموال «٤» وقد تعرضوا خلال هذه الفترة لبعض الاضطهادات بين حين وآخر، وتشير مراجع ذلك العصر إلى بعض ألوان الاضطهاد التي كانت تنتابهم «٥»، وإن كنا لا نكاد نجد شيئا من ذلك في الفترة التي عاشها السيوطي سوى مصادرة أموالهم


(١) المجتمع المصري ص ٣٨ (وقد رجع إلى أحد المصادر الفرنسية).
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٣٠٢.
(٣) د. سعيد عاشور: المجتمع المصري ص ٤٠.
(٤) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٢٤٩، عام ٨٩٣ هـ.
(٥) د. سعيد عاشور: المجتمع المصري ص ٤٤.

<<  <   >  >>