للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أحصى القلقشندي والمقريزي قبائلهم بمصر وأماكن كل منها مما يتضح منه أنهم بلغوا عددا عظيما في ذلك العصر «١».

وقد حاول الأعراب في أول عصر المماليك أن يقيموا حاكما من بينهم وأن يتخلصوا من سيطرة المماليك ولكن هذه المحاولة قد باءت بالفشل أمام جيوش المماليك المدربة، ولكن ذلك لم يمنع حدوث الصدام بين المماليك والأعراب على شكل أحداث متفرقة طوال العصر.

وقد ظل العربان عنوانا للاخلال بالأمن والاضرار بالنظام والاعتداء على أهل البلاد الآمنين في المدن والقرى، ولم يسلم طريق الحاج من اعتداءاتهم المتكررة.

والمتتبع لحوادث هذه الفترة تأخذه الدهشة من كثرة حوادث الأعراب وشغبهم وهو ما تسميه المراجع المعاصرة لهم بفساد العربان، فبينما يثور الأعراب بالشرقية ويفسدون في عام ٨٧٥ هـ وترسل الدولة بحملة إليهم «٢»، لا يكاد يمضي وقت حتى يعاودوا الفساد وفي هذه المرة يهاجمون القاهرة نفسها ويعملون بها النهب والسلب وينشرون الذعر «٣»، ثم يتجدد فسادهم في عام ٨٧٩ هـ ويهاجم بعضهم الجيزة في نفس العام وينهبون خيول المماليك ولا يستطيع السلطان الظفر بهم «٤»، وبينما يحدث اضطراب الأعراب حول القاهرة تأتي الأخبار باضطرابات عنيفة يقوم بها الأعراب في الصعيد حيث ينزلون الهزيمة بكاشف الوجه القبلي «٥»، وتحاول الدولة في كل ثورة أن ترسل إحدى الحملات لتأديب الأعراب وقد كان إعداد الحملات يكلف الدولة كثيرا من الأموال «٦»، وربما تقاعس السلطان عن إرسال هذه الحملات مكتفيا بانصراف الأعراب


(١) القلقشندي: صبح الأعشى ج ١ ص ٣١٥ وما بعدها، ج ٤ ص ٦٧، ج ٧ ص ١٦٠، انظر المقريزي: البيان والاعراب عما بأرض مصر من الأعراب.
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ١٢٧.
(٣) المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٤، ١٣٥.
(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ١٥٦.
(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ١٨٠ حوادث ذي القعدة ٨٨٢ هـ.
(٦) المصدر السابق ج ٢ ص ١٦٥، ص ٢٣٣.

<<  <   >  >>