للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرجف بموت سلطان أو بهزيمة جنوده حتى يحل الفزع والاضطراب في جميع أرجاء المدينة.

وبالاضافة إلى عامل الفوضى الناتج عن الفتن السياسية نجد ثمة عاملا آخر هو اختلال الأمن نتيجة لهجوم العصابات المسلحة الكبيرة على المدينة بين حين وآخر، وبالرغم من الاحتياطات والتدابير التي كان يقوم بها المسئولون بالمدينة فإن أخبار هذه الحوادث وكثرتها يعطي صورة للقلق وعدم الاستقرار وعدم التمكن من السيطرة على المفسدين حتى عدّ القبض على بعضهم «من النوادر» «١». وقد كان لذلك أثره في إشاعة القلق والاضطراب.

وفضلا عن ذلك فهناك العوامل الاقتصادية المتصلة حينا بانخفاض النيل وما يترتب عليه من نقص الأقوات «٢»، وحينا آخر بتلاعب السلاطين بالعملة، والتلاعب بالعملة مشهور في ذلك العصر، فكان السلطان يعمد إلى ضرب نقود جديدة ويجعل قيمتها أكبر مما في أيدي الناس فيخسرون بذلك أموالا طائلة ويكون هو المستفيد بفروق

القيمة «٣»، ويحدث الاضطراب والقلق بين التجار وفي الأسواق.

وحوادث تغيير العملة وإبطالها والتلاعب بها كثيرة في ذلك العهد «٤»، وقد تناول السيوطي ذلك في مبحث فقهي رائع عن أحكام الدّين بعد تغيير العملة وهل يطالب من عليه الدين بقيمته يوم اللزوم أو يوم المطالبة؟ وهل يأخذ الدائن من الفلوس الجدد المتعامل بها عددا بالوزن أو بالعدد؟ وقد تقصى بذلك إجابة على ما ورد عليه من الأسئلة في ذلك الحين. «٥»


(١) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٤ ص ٣٩، ٤٠، وهناك عدد من الأمثلة التي أوردها لهجوم العصابات على أسواق المدينة وأحيائها ج ٢ ص ٢٢٩، ص ٢٩٤.
(٢) المصدر السابق ج ٢ ص ٢٢٦، ٢٤٠، ٢٤١، ٢٤٢، ٣٣٦.
(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ١٥٧ ذو الحجة سنة ٨٧٩ هـ.
(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ١٩٦، ص ٣١٠.
(٥) رسالة للجلال السيوطي بعنوان «قطع المجادلة عند تغيير المعاملة» وهي مطبوعة بكتاب الحاوي ج ١ ص ١٤٩.

<<  <   >  >>