للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عهد السيوطي تعرف بالشريفية، وبنى مدرسة للمالكية عرفت على عهد السيوطي بالقمحية، كما أنشأ خانقاه سعيد السعداء حيث أقام بها الصوفية وكان بها دروس علمية «١».

وكان لكل مدرسة مدرسون ومعيدون وطلبة تجرى عليهم الأرزاق من الأوقاف التي وقفها السلطان لذلك، وقد اتبع كثير من ملوك بني أيوب هذه السنة في إنشاء المدارس والخوانق والمساجد.

وحين خلف المماليك بني أيوب في حكم مصر فانهم لم يكونوا أقل تحمسا للعلم وأهله وللمذهب السني من أسلافهم، لذلك دأب ملوكهم على إنشاء المساجد والمدارس والخوانق ووقفوا عليها الأوقاف السخية التي تمدها بما تحتاج إليه من الأموال، هذا فضلا عن أن مصر قد غدت في أيامهم محور النشاط العلمي والديني في العالم الاسلامي بعد سقوط بغداد في أيدي التتار وأصبحت القاهرة قبلة علماء المسلمين ومحط رحالهم ومركز علمهم، وغدت تموج بألوان النشاط العقلي المتنوعة.

ولقد حرص كثير من سلاطين المماليك على تشجيع الحركة العلمية بالبلاد والمشاركة في العلوم في بعض الأحيان وإن تكن مشاركتهم لا تقاس إلى مشاركة أسلافهم الأيوبيين. وكان للغوري- وهو آخر من عاصرهم السيوطي- مجالس علمية تعقد مرتين أو أكثر في كل أسبوع «٢».

وهكذا شهد العصر المملوكي نشاطا ثقافيا واسعا كما شهد كثيرا من المنشآت العلمية التي تمثلت في المدارس والخوانق والأربطة والزوايا والمساجد، وجميع هذه المنشآت- غير المدارس- كانت أماكن للدرس فضلا عن وظائفها الأساسية، أما المدارس فلقد كان غرضها الأساس أن تكون أماكن لالقاء الدروس وإقامة الطلاب، وقد ذكر ابن بطوطة أن مدارس مصر في القرن الثامن- وهو القرن السابق للقرن الذي عاش فيه السيوطي- «لا يحيط أحد بحصرها لكثرتها» «٣».


(١) السيوطي: حسن المحاصرة ج ٢ ص ١٨٥.
(٢) عبد الوهاب عزام: مجالس السلطان الغوري.
(٣) رحلة ابن بطوطة ج ١ ص ٢٠.

<<  <   >  >>